الأزهار لا تتكلم وليس لهما همس وليست الأطيار تغني كما بني البشر
وليست الفراشات فاعلة كما تفعل الراقصات المتعريات
وليست الأشجار باخضرارها أو ربما بتجردها في الخريف نحسها أجمل وأكثر تعبيرا هن للنظر لافتات ؟؟!!
ليس للبحر ترانيم ساحرات تجذب القلوب لتصغي إليها وتطرب كما فاعلة الألات والأوتار بالنغمات ورغم ضجيج أمواج البحر وصخبها ورهبتها لكننا نأنس لذاك الجرس الرخيم الصوت الهادر المثير وكأنه معزوفة تغرقنا في بحر سكينة
ليست الموسيقى نوتة ولا سلم علامات نصعده تارة وننزل وليس الغناء مؤثرات صوتية أو نقاء حنجرة أو براعة
وليس قوس قزح إنكسار الضوء أو تحلله ؟!!
وليس البدر بوجهه هو كذلك فوجهه من حجر وصخر وتراب
؟؟؟؟؟؟!!!!!
إنها انعكاسات ذاتنا وأنفسنا وأرواحنا بأحاسيسنا ومشاعرنا وانفعالاتنا الداخلية وفيوضات مكنونات النفس والروح على الأشياء وهي
ترجمات المرادات والرغبات والأمنيات صورا كما نحب على الأشياء التي نراها بألوان وملامح نختارها نحن من طبيعة جبلتنا التي خلقنا منها لذلك تختلف الرؤية للأشياء بين شخص وآخر بطبيعة المادة وماهيتها التي جبل عليها
ويختلف الإحساس بالجمال وكيفية الإفصاح عنه والايضاح بقدر ملامسة المشاعر والأحاسيس وامتزاجها بالجمال في حرية المطلق اللا مباح في الواقع ،،،!!! وتنطلق لتعانقه وتمتزج به وتتذوقه طعم كسر قيد فتستبيح معانيه حيث كيفية استشعارها له ،،
عندما نستشعر جمال أي شيء فلأننا مرآة له تنعكس ماهيته
في كينونة ذاتنا أولا فإذا ما كانت أرواحنا شفيفة ونقية وكان لها مساحة أوسع من استيعاب واحتواء استطعنا أن نشهد تماما مكامن جمال أي شيء بوضوح ونلامس ألقه حد الامتزاج ،، فمثلا عندما نسمع لأغنية أجنبية ونحن لانتقن اللغة التي يغنى بها وننجذب أليها من موسيقاها وطريقة أدائها يكون ذلك بانفعالاتنا وأحاسيسنا وتذوقنا فتجدها تغمرنا إحساسا مشبعا غبطة ونشوة ندندن ونتراقص معها مع أننا لا نعي من كلماتها شيء !!!!
إذا هي الأحاسيس والمشاعر والانفعالات التي تكمن في طبيعتنا وذاتيتها ووحدتها واجتماع ماهية النفس والروح والغرائز والادراكات والوجدان من كينونة واحدة مع التفاوت
وهنا كل يستشعر الجمال ويتذوقه ويراه بحسب السعة والقدر الذي هو عليه هيكيلة السلم الخلقي لبني البشر
فالبشر درجات في الخلق والجوهر والطبع والإدراك والأفق
و رؤية أي شيء جميل هو إمكانية الإمتزاج بماهيته وإستشعاره وتذوقه والتمعن فيه وإعطاء الفرصة الأحاسيس أن تستكشف مكامن الإدهاش فيه ومواضع الجذب التي لا يخلو أي مخلوق منها على الإطلاق حيث يجمع في تشخيصه وتحليلها العقل والحواس جميعا فيظهر جليا الجمال واضحا من غير شوائب
علينا استحضار الرهافة حتى لو نظرنا لقنفذ أو صرصار لوجدنا أن فيهما مكامن جمال رائعة جدا ومختلفة جدا
ومستساغة للذوق لكن شرط استبعاد الاحتقار والنبذ والاستهانة فيبدو ملامح جماله القة ساحرة ،،،
فجميع ماخلق الله جميلا لا عيب فيه ولا نقص رائع مكمل
لشيء آخر متمم له مكتمل به
ما ينقصنا لرؤية الجمال على حقيقته النظر إليه من المكان الزاوية المناسبة والتي تسمح لنا بنظرة صحيحة ثاقبة
والاعتدال في تقبلنا رؤية الأشياء كما هي وامتلاك بعد النظر والفطرة وتطوير الرهافة والإدراك وتحفيز الوجدان على رحلات الكشف والتبصر والغور والبحث والتميز لنصل إلى الشفافية في الرؤية والاستمتاع والذوق الأنيق
فأصل الجمال في ذاتنا والقبح والحسن فينا كما الحر والبرد
وكما الفرح والحزن وكما الفأل والشؤم هي ليست في الأشياء
بل ما ينبع من دواخلنا نحن فيضفى على الأشياء ملامح تعبر عن كينونتنا نحن وانفعالاتنا وأحاسيسنا
ما أود قوله علينا أن نكون نحن موطنا للجمال حتى يسكن فينا
وأن نكون مرآة تعكس نقاوة أرواحنا فيظهر بهاؤها فينا
ما استشعرت يوما ولا حتى لحظة أن الله خلق قبيحا ولا ذميما كيفما تراه عيوننا يكون وما نستشعره نحن !!
فليس في الوجود مالا يستحق الوجود .
6/ 9/ 20 19
بقلمي : فواز الحلبي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق