انتظار
انتظرتك عند مفترق الشمس للغياب
عند حدودالأمل الأسير
على أبواب الموعد الصد ئة
في ذلك الميناء الأرمل
المكتظ بالمقاعد الهرمة
التي تلوح لساعات الموعد المبتور الجناحين
هناك حيث السفن القديمة تتأرجح ثملة
تتعكز على بقايا الحياة
وتمخر عباب الأمل الذابل المتشوق لقبلة ندية
تعيد إليه نبض الحياة .
وقفت أنتظر قدومك
كان اللقاءمربكأ ،وحروفي العزباء تتزاحم على نافذة
حنجرتي الضيقة بانتظار دورها كي تلقي بجحيم
لهفتها فتتجمد على لساني وتشيب الكلمات الندية
على مرافئ الأنين المبللة بالخيبات
لاصوت يسمع سوى صوت حبات المطر التي
تغازل شرفات الحياة الصماء
ومداخن ثكلى اتّشحت بالسواد يتسربل كحل عينيها
مع ماء الغيث علها تشعر بالنقاء
وأنين غيوم داهمها البرق وسرق عذريتها في ليلة دهماء
ففاضت دموعها تتماوج على المدى وتشق أثلام الحياة
انتظار مطعّم بالحنين إلى لحظات مسروقة من ذاكرة
الأيام .
لحظات تبدد وحشة أيامنا المكتئبة التي عصفت
بها أيدي الغربة وشردت أحلامنا الصغيرة التائهة
في قوارب النسيان .
هاهو الموعدالرث يصطبغ برعونة الانتظار الجلل
انتظار يسرق أيامناخلسة ويغتصب أحلامنا
ويتركها فريسة سهلة المنال في أيدي المحطات
الآثمة
يعتصرها الشوق كسلاف معتق في دنان المسافات
الثملة تتبختر كالغانيات في حانات الذل والقهر
والحرمان
ولكنها لا تلقى إلا الخيبة وصفير رياح عاتية
تحمل معها تأوهات قلب أضناه الحنين
وقفت أنظر نحو الأفق البعيد والأمل يدغدغ
مشاعري كدمية تمازح قلب طفل متشوق أن ينتهي
البكاء
أخذت أنظر وعيوني كمنارة ترقب الأيام
علي ألمح أسراب الأمل في ذلك الأفق الممتدإلى مالانهاية
وقفت أناجي أطياف أمل سرقته أيدي الغربة الآثمة
قلت فيه
أنا في شوق إليك أيها المسافر عبر المسافات البعيدة
أشتاق لسماع نبرات صوتك الحزينة
أخفيت الحسرة بين ضلوعك وركبت قطارا
تاه في سراديب الحياة المظلمة
حجب الضباب محطتك واختفت خلف الأحجيات
كانت ساعة اللقاء آخر ماتبقى لنا لنلقي بهول مشاعرنا وأحاسيسنا المتلظية في جدول الحياة
لقاء كنا نتمنى أن نصطاده بشباك الحب من دفتر الأيام
لم يكن ذلك بمستحيل لو أن الحياة تركتنا نفعل مانريد
لو لم تكبلنا بقيودها وتحجز حريتنا في زنزانتها
الموبوءة .
حلمنا ذات مرة باللقاء والتقينا كان كل منا ينظر في
عيني الآخر وكأنه وجد ذاته الضائعة ضمن متاهات
الحياة المعقدة شملتنا الطبيعة بحبها
واحتضنتنا أشجارها العارية إلا من بعض الوريقات
المصفرة المتشبثة بالحياة وحشرجة الموت بادية
عليها.
والنهر المليء بنفايات الخريف من الأوراق التي سقطت صرعى بعدما داهمها الخريف
لتعانق زرقة مياهه
والطيور التي تغرد حزنأ على فراق الوطن الأم
تعلن الهجرة وهي كارهة لها
كل شيء حزين وقلب مهيض الجناح كأم ثكلى
دفنت فلذة كبدها وعادت تجر خلفها شريط الذكريات .
إنها الحياة تراقبنا بعين نكراء
وضمير يغط في سبات عميق
لم يكن الوداع سهلا
كان كمبضع الجراح الذي يبتر قلبينا دونما تخدير
وصراخ جوارحنا الأبكم يملأ الأرجاء
كان بإمكان الوداع أن ينهي آخر رمق للحياة
لولا بذور الأمل التي لازلت تنبت في شعاب قلوبنا
وعلى منعطفات أرواحنا
التي تنبئنا أن لحظة اللقاء لابد آتية مهما طال زمن
الفراق.
بقلم مها رستم
ابدعت تألق مستمر وإحساس جد مرهف وفقك الله
ردحذف