( حارسةُ الأحلام )
(1)
في شتاءٍ عابرٍ...لا يعرف الأرزَ
ولم يختبرِ التحليقَ فوق الجسَدِ العائد للأرض..
شتاءٍ..لم يُعمَّد ببخور الشَّاعريَّه
لم يكن يانجمتي الزرقاء..
أمراً مُمكناً أن تتَجلَّي ..في مَدار القلبِ
أو تنهلَ.. من خمرِ دَواليكِ
حروفُ الأبجديَّه
(2)
من ضَباب الصَّمتِ
من جرح التَّفاصيل.. تُطلِّينَ
على ضُرِّ العصافير..ينابيعَ وبيدرْ
يَشرَقُ اللَّحنُ بأنفاسِ الحريرِ الدَّافىء المخمور
تستيقظُ في روحي أناعِيمُ الرَّياحين ..وغاباتُ الصَّنوبرْ
من يُطيقُ الصَّبرَ عن خمرتِكِ الصِّرْفِ..على اليُتمِ
ومنذا يُقنعُ النَّسغَ الذي ينبضُ
في جفنِ المواعيدِ..
بأن ينتظرَ الصَّيفَ...إذا نَيسانُ ..زَهَّرْ
(3)
كيفَ جازَت وَمضةُ النُّورِ على هُدْبكِ
أسوارَ الأساطيرِ..
وفرَّت من حجابِ القُمقمِ المرصودِ
للفجرِ الجديدِ؟
سِندباداً.. يُسرجُ الأشواقَ
من منفى..إلى منفى
ومن جيلٍ إلى جيلٍ..إلى شطٍّ جديدِ
في بلادِ الظلِّ..حيثُ الشاعرُ المسكونُ بالرِّيح
يُحاكي فوقَ خدِّ الرَّمل
نَقشاً سرمَديَّ الوجدِ..قُدسيَّ التَّراتيلِ
انتظاراً..لاختلاجِ الصُّبحِ..في جفنِ الوليدِ
(4)
دافىءٌ ثغرُ المرايا
وارتعاشُ العِطر مطلولٌ
على الخدِّ المُندَّى بالرُّؤى والانتظار
هل تجيئينَ على ثلجِ الشتاء المُرِّ
فوقَ الطُّرقِ الغرقى بدمعي؟
هاهو المعبدُ في قلبي يُناديكِ
استقلِّي سُفنَ الوجْدِ
التي تُبحرُ في دفءِ وريدي
(5)
الجناحانِ الخضيبانِ بدمعِ الفاقدين
يسكنانِ الجوَّ..
تحت القُبَّةِ الزرقاءِ
ما أقسى وداعَ الأربعين؟!
روحيَ الآن فضاءٌ
روحيَ الآن...رداءٌ يَسعُ الأرضَ
وأوجاعي تلاشت..في جفافِ الطِّين..
يابيتي المُسمَّى.. بالجسدْ
يا أنا الأخرى الجميله..
أين وجهي ..وشفاهي..وابتساماتي الخجوله؟
أينَ جلدٌ ناعمٌ غَضُّ الطفوله؟
أينَ قلبي المُتعبُ المُضنى..وأعضائي النَّحيله؟
من أنا الآنَ؟!
ومن يسمع صوتي
بعدما ضيَّع اسمي.. في دُجى اللّيل..دليلَه؟!
(6)
ليتني أصحو ..على لمسةِ أُمّي..
في مساماتيَ تمضي نشوةُ الدِّفء بعيداً
مثلَ صُبحٍ من نُعاسٍ..يحتويني..
عطرُكِ الرَّاعفُ من مِجمرةِ اللَّهفة والوعد
يُناغي ألفَ عيدْ
ودعاءٌ راجفٌ يحبو على مُنحدرِ الدَّمعِ الشريدْ
وتُغطِّيني بجفنيكِ الرَّحيمينِ..
فأغفو من جديدْ
وتُساقينَ على جمرٍ من الغُصَّة واليأسِ
إلى صمتٍ.. بعيدْ
(7)
ها أنا.. بينَ ذراعيكِ
أُناديكِ .اسمعيني
حاولي لمسي..افتحي عينيكِ..حتى تُبصريني
حرِّريني من ضَياعي
أَوقِفي هذا الجنون
أتعودينَ؟! وأبقى في العَراء
وصُراخي يملأُ الأرضَ..وأنحاءَ السَّماء :
أنا..ماغبتُ..أنا حاضرةٌ فيكم
وأنتم ترحلون
كيف لي أن أكسرَ السرَّ..
الذي يجعلني مرصودةً..خلف المرايا؟!
كيف..يا أُمَّاهُ
أصحو في سريري
فأرى بسمتكِ الخضراءَ..تكسوني
بصُبحٍ من حضورِ
وتُردُّ الرُّوحُ ..للبيتِ
ويُطوى..ظِلُّ كابوسٍ مريرِ
(8)
أقبلَ اللَّيلُ..
فغطَّى خُضرةَ الأرضِ الوليدهْ
وارتمى حُزنُ المواويلِ
التي ضاقَ بها الوقتُ
على زَنبقةِ القلبِ ..الوَحيده
أين أمضي؟
بعدما ذابت شموعُ الفَقْدِ
في دِفء المِخدَّاتِ.. ونامت في السُّكون
أيُّ غَورٍ باردٍ يبتلعُ الأرضَ
ويمتصُّ رُعافَ الكائنات؟!
وأنا.. حارِسةُ الأحلامِ
أحدو شَعرها النَّاعمَ في رِفقٍ
إلى البحرِ..
أغِثني يا شراعَ الموجِ
واغسِلْني ..بملحِ الدَّمعِ
والرَّملِ الذي يحبو إلى الماءِ
وأَلهِمْني ..نشيدَه
علَّني أعبرُ من ذاتي..
إلى خُضرةِ عينيكَ
رَويَّاً..في قَصيدَه
...
عصام يوسف حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق