ياعلم الهدى ورحمة وجوهر الأسرار
ياشاهدا من أزل لله وحده أنه خالق
ومصطفى الخلق كلهم ومنبع الأنوار
خلقت معظما والشأن الجليل شأنك
معلم الخير وأسوة وقدوة الأخيار
إمام الأنبياء و سيد المرسلين خُلقا
الله اجتباك فحل منه فيك الوقار
خلقت مبرأً من كل عيب وناقصة
كل الصفاء سجاياك فكأنما أنهار
عرفت في الملأ الأعلى قبل أرض
مبجلا ولك الشرف العظيم الفخار
ولدت فأضأت الكون بهاء عرس
وتراقصت الأكوان والسرور غمار
وأشرقت الأرض بالنور الجليل لخالق
فزيحت ظلمة الكفر وبان نهار
عم الخبر البهيج في الملأ الكريم
فجمع الملائكة عليك سلاما وإكبار
أتيت وبين يديك تسوق رحمة
توالت البركات فتهللت أذكار
رعاك الله وربيت في عنايته
فما الشيطان له سلطان عليك ولا أشرار
من خيرة الخلق اختارك مبشرا
وحولك كما الأسوار ثلة الأخيار
نشأت في طاعة الله من صغر
يحيط قلبك من الله بهيها الأنوار
ملهم بأنك لأمر الله مؤتمن كفؤ
فما اقتربت فحشا ولا حملت أوزار
ولاسجدت لصنم أو شاركت معصية
هاربا بنفسك عن الخطايا لغار جوار
متعبدا لله عن فطرة متأملا خبرا
للسماء مع القلب موجها أنظار
متفكرا صنع الإله العظيم وذاكرا
فما عبثا هذا الكون خلقه وماصح إنكار
حتى بعثت وأنزل على القلب الشريف
محكم الآيات وتوالت تتزاحم الأنوار
يضمك الأمين جبريل لصدره موحيا
إليك قول الإله اقرأ محمد يحيطك انبهار
فلا قرأت من قبل كتبا ولا خطت يمينك
فارتعشت منك فرائض كحال احتضار
وأذهب الله عنك الروع منزلا سكينة
متسعا قلبك كل العلوم كما اتسعت البحار
وتذهب بيت النبوة وحالك هلع
طالبا لأنس الروح الغطاء دثار
وتحيطك الزوج الكريم حنان قلب
خديجة السند مطمئنة بخيرك الهدار
يا مقري الضيف ماعليك بأس وناصرا
ضعيفا و مغيث ملهوف وصائنا جار
الصادق المعروف بين الناس ومؤتمنا
وخاليا بنفسك عن الدنيا في الغار
أبشر لن تخيب ولله فيك شأن
تفديك روحي ومالي ياصفوة الأخيار
قم وحدث عن الناموس كيف أصابك
هذا الذي جاءك رسالة أرادها الجبار
أنت لها يابن عبد الله لتزهق باطل
وتظهر الحق مؤيد بنصرة القهار
هو الإله والمراد نشر دعوته سلما
وتنذر الناس فيعبد الله الواحد جهار
إنك على الحق فلا تخشى في الله لومة لائم
فالله عونك بشيرا تارة وتارة بإنذار
ابدأ بشعاب مكة وبلغ بلا كلل
سيظهر الله الأمر محققا اقرار
الله وليك يا محمد وما خاذلا لك أبدا
جنود الله خلفك حراس وأنصار
ويمضي الرسول سرا داعيا مبلغا
ذوي القربى وأهله وكل الجوار
فمستهزءا به ومكذب ومعتد بفجوره
وناهر له متجبر ومتكبر آثم كفار
ماذا أصابك يا محمد وأنت الصادق بيننا
ماعهدنا عنك زورا ولا غدر جوار
أم جننت أم سحرت أو قول شاعر
وكيف تقول الآلهة واحد أما خشيت ضرار
ويمضي الرسول غير آبه قولهم
بدار أرقم يلوذ معلما خافيا إظهار
ودأبا ببطن مكة لله داعيا وحده
يلقى الأذى غضب المشركين بوجهه إعصار
فما آبه شرورهم وغيظهم
يواجه الكيد صبرا جميلا يصيبهم إبهار
فلا وهنت عزيمته ولا خرت قوة
ولا قبل إغراء ماضيا لله باصرار
عرضوا عليه المال وكل الجاه ورفعة
اختر ماشئت دون ذاك الأمر الصغار
فطوع لك وبين يديك رقابنا سلم
تسودنا وشأنك التعظيم بيننا وإكبار
فلا والله ما قبل ولو قمر بيمينه
أو الشمس بشماله وما احتوى ليل ونهار
إلا أن يظهر الله على الخلائق أمره
أو دونه يلقى الحتف تعنيفا و إجبار
نصير الحق لا مبالي غلظة قومه
بين الشعاب متجولا همام ومغوار
أن أجيبوا لله ربي وربكم دعوة
كفاكم من الجاهلية عيش بوار
فما أتيتكم طامعا جاها ولا عزة
إنما خشيت عليكم جحيمها النار
وأدعوكم للهدى ونور ودار قرار
جنات عدن وسعت سموات وأرض
خلود فيها أبدا وسلاما وحسن جوار
ألا فهل أطعتكم فنلتم رضاه وجنة
ولا كنتم عبيدا للشيطان فتلقوا ضرار
فمنهم من هدى الله ومنهم من أضله
ومقبل برحمة الله ومعرض بإدبار
وما تململ رسول الله يوما وما يئس
من دعوة الحق همه للدين إظهار
حتى تحطمت رموز الشرك من صنم
وانحنت قامات الكقر تبدي وقار
والتفت حول رسول الله ثلة
هاجرت للبقاع وكان لها أنصار
بذلوا كل غال نفيس لأجل الله نصرة
وهانت نفوس لهم فسادة أحرار
هم الرجال إذ صدقوا عهودهم
أعزهم الله بدينه فجميعهم كرار
وفيهم رسول الله ولا فرق بينهم
معلم مرشد وفي ساح الوغى مغوار
دعوا لله وفي سبيله خرجوا
فما وهنوا ولا ضعفوا يؤيدهم جبار
حتى أعز الله دينه بهم وأعليت
كلمة الحق فتحا مبينا مكللا غار
وأكمل الله دينه الذي ارتضاه بمحمد
تمام نعمة الله في أرضه إعمار
بلا إله إلا الله وهذا مراده ومقصد
ورفع الأذان الله أكبر هدار
ليعم الخير كل الأرض قاطبة
ويمحق الشر ويزول معه أشرار
هنيئا لنا بك رسول الله وكل سعادة
أزكى الصلاة عليك و آلك الإطهار
ثم السلام حيا وميتا وفي جواره
يا شافعا لنا بين يدي راحم غفار
طبت وطاب ذكرك ما طلعت شمس
وصلى عليك الله سلامنا تكرار
وحمدا لله بعد لعظيم فضله كرما
إننا نلنا الشرف العظيم فيك الفخار .
بمناسية عيد المولد النبوي الشريف..
بقلمي أنا الفقير لرحمة الله
فواز محمد الحلبي
12 ربيع الأول 1444
19/10 /2021 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق