سلام الله عليكم.
من المعروف أنّ الإنسان الطبيعي العادي لا فائق الذكاء ولا مدمن الجهل..
يعيش وفق سلّة معطيات تحيط به أو تلبسه.. يقوم من خلالها برسم خارطة أولوياته والسير وفق خيوطها وخطوطها البيانية المختلفة من شخص لآخر.
خطوط للعمل.. للغذاء.. للفكر.. للمستقبل بأهدافه المعلنة منها والخفيّة.. للرفاهية.. وخطوط أخرى لكلّ ما يلازم عيشه في صحوه ونومه.. في راحته وسعيه.
الإنسان العادي الطبيعي الذي نتحدث عنه والذي يمثّل السواد الأعظم من الناس.. يرسم هذه الخطوط وفق أولويّاته الخاصّة.. ليسير بهديها سعياً للوصول إلى النتائج التي تسعده أو أقلّه ترضيه.
لكن.. ماذا لو تم العبث بأيّة طريقة بآليّة التفكير والرسم والتدبير؟
ماذا لو فُرضت أولويات رسمها الغير لنا؟
ماذا لو سُلبت منّا أدوات الرسم وخطوط السير؟
وألف ماذا ولماذا بعدها.. تصبّ جميع إجاباتها في مستنقع الفوضى والتدمير الممنهج.
إنّه العجز التام والشلل الزؤام عن إمكانية اتخاذ المبادرة في أيّ شيء يؤدي إلى النهوض والتقدّم والتطوير على كافة الأصعدة.. الخاصّة منها والعامّة.
يتحجّم الفكر والتفكير.. ثمّ يتقزّم.. ليُحشر في بند واحد.. كيف أتدبر أمر طعامي وحاجاتي الأساسيّة جداً؟
وكلّ ما خلا ذلك لا يعنيني.. أو بمعنى أدق لا مساحة لدي لمجرد التفكير به.
فتُغيّب الكثير من المصطلحات بمعناها المهم والعميق.. الأهل.. الجيران.. السعادة.. الأخلاق.. العلم.. الثقافة.. الفهم.. الانتماء.
ونبدأ بإعداد العدّة بكلّ ما تبقى لدينا من مساحات الفكر والتفكير لمواجهة الأعداء الجدد.. المفروضين عنوة أيضاً.. مثل.. الجوع.. الفقر.. العوز.. المرض.. وننسى عنوة الأعداء الحقيقيين.
تنهار منظومة القيم والمبادئ.. ومفهوم القدوة العماد.. ويحلّ الاستسلام كبديل وحيد عن كلّ شيء.
تنهار مؤسسات التعليم والعلم والمعرفة.. وتظهر أشباح البدائل المخصيّة والمخصخصة لتدمير العقول المؤسِّسة.
تنهار مؤسّسات الفقه على نصل مدية السفه.
تنهار مؤسّسات الأصالة والتراث والثقافة والعراقة على أرصفة الرذيلة وتحت أحذية الحثالة.
تنهار وتنهار وتنهار.. موت وقتل ودمار.. يُثقل الليل بأعباء النهار.. العقل والقلب في شجار.. والقضيّة بكلّ أسف واختصار.. الفوضى الخنّاقة والتدمير الممنهج.
والسبيل لإنجاح كلّ ذلك هو تكريس الجهل والتفرقة.. واعتناق البدائل المفروضة في المأكل والملبس والمكتوب والمقروء والمسموع.. وتغييب أصحاب الفكر والإبداع.. والرهان على النسيان تدريجياً بالاقتناع.
وترى البقرات العجاف تلتهم كلّ حقول السنابل دون خجل أو ارتجاف.
فهل ثمة عنقاء؟ أم باتت كغيرها رماد؟
سلام الله على كلّ البلاد.
.. محمد عزو حرفوش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق