الهروب"
بقلم/ إبراهيم الديب
عندما يشعر بضيق وتتراكم فوق رأسه المشاكل يتصل بصديق له بدافع خفي أنه سيجد عنده حلا لها و فكا لضيفته ماديا ومعنوياً و التي لا تخرج عن ديون بسيطة فصلاح صاحب المشكلة شخص يرجئ أمور تافهة تتعلق بأمر معاشه حتى تتكدس وتعيقه عن مواصلتها أحيانا فهو : إنسان محدود الدخل شبه أرزقي ..كان وصل صديقه محمود الذي كان ينتظره في نفس المكان الذي اعتادا اللقاء فيه وهو ناصية أحد الشوارع فقد جاءه على الفور دون أن يسأله عن سبب طلبه له والعجلة في اللقاء وعندما بدأ صديقه بالسير في الطريق المعتاد لهما الذي يؤدي للمقهى الذي يجلسان فيه ومن ثم مناقشة الأمر العاجل أشار صلاح لطريق جانبي وقال لصديقه محمود: سنسلك هذا الطريق اليوم كي لا نمر من أمام البقال الذي أنا مدين له وطالبني بنقوده أكثر من مرة وأحال الأمر والسبب مثل كل مرة سابقة للظروف السيئة التي طالت من هو أقوى منه ماديا قبل أن تضرب السوق بقسوة وتتسبب في الكساد العالمي الذي صلاح أحد ضحاياه.... كان هناك سؤال معلق بين عقل محمود ونفسه يود أن يوجهه لصلاح ولكنه أرجئه لحين تناول القهوة...
وبعد أن أفلتا من البقال بنجاح وأثناء السير طلب منه صلاح أيضاً أن يتخذا طريقا آخر أضيق :من نفس جاهل ,وأشد ظلمة من قلب كافر ومن نية حاقد، لأنه تذكر أن السماك يجلس أمام بيته في المساء ولا يريد أن يراه و هو يمر من أمامه قبل يدبر له المبلغ ثم أردف والله دا مبلغ بسيط الله ينعل الحال النايم ثم قام بسب الركود الاقتصادي الذي هو سبب رئيسي في كل ما يحدث له من مشاكل مع البائعين.... و الذي حدث مع البقال والسماك قاما بفعله أثناء مرورها من أمام : بائع الخضار الشرير ,والجزار الجشع, وبائع الفاكهة الطماع, ومحسن الغتت الذى اقترض منه مائة جنيه وطالبه بها بعد فترة قصيرة جدآ تسعة أشهر فقط.... ثم عقب بعد فترة صمت قصيرة إنسان محدث نعمة مصروع على الدنيا... وأخذا يدوران في أزقة خربة مظلمة هروباً من البائعين وكل من هو له دين عند صلاح وأثناء سيرهما ذكر أشخاص بعينها مديونة بل وذكر دول مديونة لأخرى منها البرازيل حتى أمريكا نفسها مديونة للصين وكأنه تخصص أخيرا في الديون...كان يتحدث لمحمود وكأنه يتحدث لنفسه أو يفكر بصوت عال ولكنه بذل مجهود شديد أثناء الحكاية فكان يرفع زراعيه وصوته الغليظ الأجش لكي يعبر عن نفسه أكثر حتى كانت يداه تطال بعض المارة قبل أن يعتذر لهم محمود لأنه لا يشعر أنه فعل ذلك بعد أن تقمص دور المجني عليه بعد أن تكالبت عليه الظروف المحلية والعالمية... وعندما وصلا للمقهى وهما في حالة إجهاد شديد وتنفسا الصعداء لنجاحهما الوصول للمقهى دون أن يراهم أو يعترض طريقهم أحد الدائنين فاسقط في قلب صلاح عندما شاهد الدائنين جميعاً يجلسون سويا في شبه حلقة وهناك اتفاق مسبق وتنسيق بينهم على انتظاره سويا بعد أن عرفوا أن يجتمع في هذا المكان هو وصديقه...
إبراهيم الديب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق