ذكريات على ضفاف العاصي
=================
كان منزلنا في مدينة حماة قريب من نهر العاصي ولا يبعد أكثر من مائة َمتر وكان ذلك سبباً لأتعلم السباحة وأنا طفل ذو الخمس سنوات وبمرور السنين وفي المرحلة الإعدادية كنا وصديق لي بعد الإنصراف من المدرسة وتناولنا طعام الغداء كلٌ في بيته نذهب أنا وصديقي إلى النهر ونجلس على الشاطيء حيث جمال منظر المياه وعلى ضفتي النهر البساتين ذات الأشجار المثمرة كنا نسمي المنطقة التي نجلس عليها (التلة)
نظراً لارتفاعها عن سطح الماء نوعاً ما
كانت المنطقة تتوسط عدة أحياء ومشهورة بورود السقايين الذين يردوا لتعبأةِ الماء في قِرَبِهم المخصصة لنقل الماء على ظهر الدواب ويأتين النساء من البيوت لغسل الثياب وأدوات الطعام وبعضهم يغسل الأصواف والبعض الآخر يأتي لتصويل القمح وغسله ونشره على الشاطيء
لأخذه بعد ذلك إلى الطواحين التي كانت تعمل أكثرها على نهر العاصي بقوة تدفق الماء من أسفل الطاحون بما يسمى الجغل وتدير أحجار الطحن الضخمة ليخرج الدقيق ويعبأ باكياس من الأعلى ثم يتم تحميله على الدواب وبعض الناس كانوا يأتون من القرى المجاورة القريبة من مدينة حماة ...
كان أولاد الأحياء المجاورة يأتون ليسبحوا في النهر وليتعلم السباحة من لايجيدها كنت وصديقي نجلس على التلة وأمامنا ابريق الشاي ونراقب الأطفال وهم يسبحون في الأماكن القريبة من الشاطيء
أي المياه الغير عميقة لكن بعض الأطفال إذا ابتعد قليلاً إلى الداخل يغرق ويبدأ بالإختفاء قليلاً ثم الظهور ويبدأ الأطفال بالصراخ فنسرع أنا وصديقي محمد لإنقاذ من كان معرضاً للغرق ونحن مستعدون في أيّ لحظة لذلك
كانت أيام جميلة وذكريات لاتنسى عشت فيها
وكنا نشعر بأننا شبه مسؤولين عنهم أو كمن كان يقوم بمهمة إنسانية عظيمة وهل أجمل من أن تنقذ الأطفال من الموت المحقق
وما زاد من افتخاري وصديقي محمد الذي استشهد وهو شاب في الثلاثين من العمر
أنني كنتُ أصادف بعض الشباب
الذين يسلمون عليَّ بحرارة ويسألني أحدهم هل تذكرتني عمي ؟
فأجيبه لا ياعمو مين أنت ؟
يقول : أنا فلان الذي أنقذتني من الغرق في العاصي جزاك الله خير !!
يا الله ما أجمل تلك الأيام عندما كنا شباب ولا نهاب الموت ولانتردد بإلقاء أنفسنا بالماء بكامل ثيابنا لإنقاذ طفل أو شاب من الغرق !!!
#قصةواقعية
بقلمي : #عبدالرزاق_سعدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق