🌷 الإنتظار الأخير🌷
كان في جلسته بمعية عمال الشارع شيء من الوجل و الترقب، يضم ركبته إلى صدره،و رأسه منكفىء على نفسه كأنه خارج عن ذاته ، عيد الأضحى على الأبواب ،فبقدر ما كانت الفرحة تغمر قلوب أبنائه ،والإبتسامة ترصع وجوههم ،انتظارا للخروف الذي رسموا شكله حسب مخيلتهم ،كان يعتريه شعور بالخيبة و الحسرة أمام عجزه المادي وقلة حيلته فهو على دراية بتعاليم الدين ،كون التضحية سنة مؤكدة يثاب فاعلها و لا يعاقب تاركها، و لكن صاحبنا ينتمي لبلد عربي تحترم فيه الشعائر و تقدس أكثر من أسس و مبادىء الإسلام الأخرى....توالت التواني و الدقائق ، و صاحبنا ينتظر بصبر نافذ... ،وفي الوقت الذي بدأ يرتخي تحمله ،و ينتكس عزمه ، وقفت سيارة فارهة سوداء ،سائقها بمظهر أنيق ونظرة سمحاء ،يريد عمالا أكفاء لجني فاكهة الفرولة.تزاحم بطلنا مع المتزاحمين وحينما نطق باسمه الكامل لصاحب المشروع، أصدر هذا الأخير شهقة من عمق الروح ،و تملكته الدهشة ،و بصوت رخيم خاطبه السائق: ما أسعده من لقاء ياعمي حامد المنصوري،أأنت من قرية هوارة ،أنا ابن عائشة المولدة التي رحلت باكرا عن القرية إلى بلاد المهجر . رد صاحبنا بالإيجاب وعيناه تشع بريقا كالألىء :نعم أنا هو .....اقعده بقربه في السيارة ، ورحب به أيما ترحاب، و عند وصلوا للضيعة، دعاه ليقضي النهار معه ،ليقص عليه أحوله وماآلت إليه أوضاع قريته المنسية،ولما أنهيا حديثهما المديد ،أقترح عليه صاحب المشروع أمرا جعل بطلنا يسبح في غمرة النشوة و الطرب، وينسى هاجس الأضحية وقسوة الأيام كلها ، تولي مسؤولية الضيعة والإستقرار بها معية أسرته مقابل أجرة و قطيع من الغنم .
ذ/سعاد إيمان :18 /07 /2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق