الأربعاء، 8 سبتمبر 2021

سحابة صيف...للمبدعة سعاد إيمان

🌹سحابة صيف 🌹

كان اسمها سعيدة ،رغم أن مدلوله لا يمت لحياتها التعيسة بصلة ،فأحيانا أسماؤنا لا تنسجم مع ذواتنا ،فتخضع للتصغير حتى تلاءمنا .كان قلب سعيدة، يتفطر من الحزن واللوعة و الأسى على رفيق العمر و الشريك وتتضرع حسرة على الأجر الزهيد الذي تتقاضاه ،فهو لا يكفي للاستجابة لكل متطلبات الحياة ،من مأكل و ملبس و كراء، ورعاية فلذة كبدها التي التحقت في سن المراهقة بالأقسام التأهيلية بالسلك الثانوي، كانت كغصن الريحان.ذات قوام ممشوق ووجه مليح و عينين خضراوين يعكسان الطهارة و العفاف ،تنظر إليها أمها نظرة إكبار و إعجاب وتمجد قدرها بالقول أن شخصيتها تليق بمهنة الطب أو الهندسة ، و لكي يتحقق المراد ،و تتغلب على متطلبات الحياة و حاجياتها ، اضطرت الأم الخروج للعمل طيلة النهار في إحدى المطاعم ،تغادر قبل الفجر ،و تعود عندما تنحدر الشمس عند حافة السماء ،و بعد عناء طويل تعود إلى بيتها ،تنام ملء عينيها و لا تكترث لابنتها .مرت أيام وهي على هذا الحال حتى استفاقت في ليلة كان فيها القمر في إجازة تامة ،لتجد سرير ابنتها خاليا لايحتضن جسدها .فقدت كل قوتها تحت و طأة الصدمة ،هرعت تسأل الجيران و الأصحاب إلى أن وجدت من أنار لها السبيل ،مرقص ترتاده هي وصديق لها .أسرعت الأم إلى الداخل ولما أبصرت ابنتها ،امتلكتها صفرة ورعشة قوية و سقطت مغمى عليها . فتحت الأم عينيها على أرقام الساعة المعلقة على الحائط، ممرضة بوزرتها البيضاء ،و نواح تكسوه زفرات مطعمة بلهيب الاحتراق ،إنها ابنتها التي تتوسل الغفران ، معلنة استعدادها للامثتال لأوامر أمها كيفما كانت ..تم الشفاء ، و عادت الأم إلى بيتها لتجد برقية من عمها يحثها على الحضور المؤكد لتحظى بحقها من الميراث ،ولكونها الوريثة الشرعية الوحيدة لأبيها ،فإن نصيبها مكنها من تغيير المدينة و اقتناء مسكن ومحل لتهييء وتحضير الوجبات السريعة .وخول لها التزام الحذر،ورعاية ابنتها بعيدا عن توائم الشيطان ، إلى أن أكملت تعليمها ونالت منصبا هاما ، الكل يجلون أفكارها ويبادلونها المودة و التقدير و الاحترام . في العيادة قالت لها أمها بصوت رخيم و البسمة تعلو محياها ...ابنتي فائزة ، فعلا اسمك يمتلك سحرا، فرض سلطته على اختياراتك في الحياة ......حفظك الله و حماك.....

ذ/سعاد إيمان .08 /09 /2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق