الجمعة، 20 مايو 2022

الرجل المطر.. للمبدعة إنصاف قرقناوي

الرجل المطر  (٣٠)

أفقت من الغيبوبة التي أصابتني على أصوات أجهزة تخطيط القلب وقياس الضغط التي كانت تملأ أرجاء الغرفة، فتحت عيني فوجدت السيدة إلهام تقف بجانبي ممسكة ببدي.
بعد ثوان استوعبت وتذكرت ما حصل معي، فسألتها فورا عن وضع غيث وعن صوت الصراخ الذي سمعته قبل أن أفقد وعيي. 
فابتسمت ومسحت بيدها الحنونة على جبيني قائلة:
لا تقلقي يا ابنتي غيث ما زال تحت المراقبة في العناية المركزة لكن وضعه مستقر الحمدلله. 
أما عن الصراخ فكان بسبب مريض توفي خلال إجراء عملية قلب مفتوح له، وعندما أبلغوا زوجته عن وفاته صرخت من وقع الخبر المؤلم الذي تلقته المسكينة.
فقلت:
رحمه الله وغفر له، وألهم قلب زوجته الصبر والسلوان على مصابها الجلل.
لكني رأيت رجلا مسلحا متوجها نحو قسم العناية المركزة، هل تعلمين شيئا عن هذا الأمر؟

فقالت:
هذا شرطي بلباس مدني جاء لزيارة والدته المريضة التي كانت في الغرفة المجاورة.
هوني عليك يا حبيبتي، أنت أفكارك مشوشة بحكم الظروف القاسية التي نمر بها، ارتاحي الآن ولا تجهدي نفسك بالتفكير، نحمد الله أنك بخير.

وفجأة دخل علينا الطبيب المناوب، قام بتفقد الملف الخاص بحالتي الصحية وقال: 
آنسة شمس حمدا لله على سلامتك، لا داعي للقلق، وضعك الآن أفضل، أنت فقدت وعيك بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية ومن الواضح أنك لم تأكلي شيئا منذ أيام.
سأقوم بوصف بعض الفيتامينات المنشطة لك وعليك أن تهتمي بغذاءك هذه المدة. 
هنا ردت السيدة إلهام قائلة:
أنا سأتكفل بهذه المهمة دكتور لا تقلق. شمس ستكون تحت رعايتي تمامآ مثل غيث.

في صباح اليوم التالي كنت قد شعرت بتحسن فقررت مغادرة السرير، وتوجهت أنا والسيدة إلهام نحو قسم العناية المركزة للسؤال عن غيث.
وجدنا الطبيب يغادر الغرفة بوجه مبتسم، وقال:
اطمئنوا الحمدلله وضع غيث الآن أصبح مستقرا وسوف نقوم بنقله إلى غرفة عادية لاستكمال العلاج هناك. بإمكانكم مرافقته بعد قليل، أستأذن. 

وقبل أن تكتمل فرحتنا بهذه الأنباء رن هاتف السيدة إلهام، كانت مكالمة من السيد (عمر ) والد غيث الذي اتصل ليطمئن عن حالة ابنه، وبعد دقائق انتهى الاتصال. 
فسألت السيدة إلهام عن سبب توترها، فقالت لي:
أخبرني عمر بأنه قادم هذا المساء.
فقلت: 
هذا خبر مفرح حقا، سيسعد جدا غيث حين يسمع بقدوم والده.
فقالت بصوت متحشرج ووجه شاحب:
لكنه سيحزن حين يعلم بأنه قادم تحت تهديد غريمه له بالسلاح.

إنصاف غسان قرقناوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق