الأحد، 28 أكتوبر 2018

يوميات امرأة خريفية .. للمبدعة أمل ماغاكيان

يوميات امرأة خريفية 5
أبخرة الجمر
بعد رحلتها الشاقة والتي غاصت بها سيرين في عالم الزيف
اللامنطقي وبعد بضع ليال مكدرة ، عادت إلى رشدها وهي مترعة بأبخرة الجمر التي التصقت بها اثناء رحلتها المشؤومة
وهي على يقين انه يستحيل عليها أزالة الألم أو نسيانه لزمن
طويل ان كانت متفائلة .
في ليلة مقمرة استرخت سيرين على كرسيها الهزاز  ، المنصوب تحت عريشة عنب ، وفي داخلها بحيرات منسية
غير مفضية إلى اي ممر ، راح يتصاعد بخارها المتأجج من فوهة روحها وكأنها أفسحت المجال لتطلق كل ماخسرته بالعمق ، كانت تترقب وحدتها وتجمع اجزائها ، حاولت جاهدة
ترميم روحها ونفسها الممزقتين وبحمية بالغة الاجتهاد .
راحت تنظر إلى القناديل المعلقة بين العناقيد وهي تتحرك مع
النسيم ، رأت كيف كانت الصور والظلال تتضخم مع كل اهتزاز ، لتدرك أنها المهزوزة الوحيدة والمضخمة لاَلامها .
وعلى حين غرة دنت نحوها فراشة وكأنها حاولت مشاطرتها
احزانها وحيرتها بعاطفة مليئة بالحب ترشح بالتحنان ...
تساءلت سيرين : ياترى حين نجلس وحدنا ونستعيد كل ما أرقنا ومازال يؤرقنا بشكل متلاحق ولا يترك لنا متنفسا للراحة
هل ياترى نكون مفرطين بالغربة ؟ ام اننا افرطنا بعاطفتنا
واهديناها لمن لايستحق ؟
ناشدت الفراشة ان تجيبها ، لكنها بقيت مسترسلة بالصمت
قالت سيرين : لماذا نحن البشر حين نبحث في ضميرنا عن يقين ، بعيون متضرعة ، مكسورة ، خاشعة ، لانلقى رد على
توسلاتنا ..ياترى هل سنستطيع ازالة ندبة الوجع في يوم
من الأيام ...انتظرت بفضول مشوب بالقلق ان تنطق الفراشة .
ادركت سيرين في هذا الوقت بالذات أنها بحاجة ماسة لملاذ
اَمن كي تودع فيه ظلال الماضي ولتجد به الوان الحاضر ...
انبعثت خيوط الغسق عند تخوم الفجر الوليد ، بعد ليلتها
المعمرة ، المضمخة بالأسى... ادركت لحظتها كل الاجوبة
عن أسئلتها المتراكمة ، وجهت للصباح اذنا صاغية وعينا
محتشمة ... مدت يدها وقطفت عنقودين واحد لها وواحد
للصباح عرفانا منها لمعروفه وطبعت قبلة على محياه وودعته.
وبقوة سحرية استعادت سيرين نفسها ، قلبت صفحتها السابقة لتعنون الجديدة : اهلا بالأمل
                                   أهلا بممرات بحيراتي المفضية منذ
                                   اللحظة الى نهر النور وبحر العمل ...
لا ابخرة بعد اليوم للألم ، فبعض الأبخرة نشتم عن طريقها
عبق البخور والصندل والمسك ، وهذا ماعلينا البحث عنه
مهما واجهتنا المعوقات ....

أمل ماغاكيان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق