(العرافة)
قالت لي العرافة يوماً:
رأيت قصة حياتك في فنجانك المقلوب
قرأتها بتبصر وتأمل
وكتبت منها بعض السطور:
أنت ولدت بجانب النهر
كبرت وخلفك هرم كبير
على قمته منارة كبيرة
وأصبحت طفلاً مشاكساً
عاندتك الرياح ولم تقهرك
مشيت حافياً عل طريق متعرجة
رأيت في فنجانك بندقية ومحبرة
أتقنت فن الإستماع وفن الصيد
لبست ثوباً بجناحين
حملت بيدك اليمنى مجمرة
يتصاعد من بخورها دخان أبيض
وفي اليسرى سنبلة وقلماً
رميت عكازة الزمن في البحر
ورأيت ورأيتك في الفنجان
تلبس ثيابا بيضاء
فمن أنت ياسيدي
فقلت ...أنتِ العرافة
تعرفين فلمَ تسألين
أنا ابن أرض طاهرة
ترابها مجبول بالعرق
نهر الماء يرويها
ذلك الهرم أبي
مدرستي بعيدة جداً
البندقية هي قلمي ورفيقي
كم لفحتني الشمس في الطريق
وكم نخر البرد عظامي
وصممت على المسير الطويل
نجحت...
واخترت مصنع الرجال
وحلقت بجناحي الذي ذكرتيه
ورأيت النيل من قمة الهرم الأكبر
وصافحت أبي الهول
وتسلقت برج إيفل إلى قمته
ورأيت قوس النصر
ومشيت في الساحة الحمراء
ووقفت في قمة صنين
وتبضعت من جزيرة كيش
في وسط الخليج
وثيابي البيضاء هي كما أرى نفسي
لم يزدني العمر إلّا قوة
فرميت العكازة لمن يحتاجها
هذا أنا أيتها العرّافة
لم أكن مؤمن بالتنجيم يوماً
لكني إيماني كبير بالعمل
ويقيني كبير بالإنسانية
هذا أنا...أنا عربي
فهل أجبتك عن سؤالك
(عبد الرحمن خضور)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق