قصّة وعبرة...
رجع منهكا من عمل النّهار والجوع قد أخذ منه مأخذا كبيرأ.
طلب من زوجته أن تعدّ له بعض الطّعام.
وأثناء ذلك أخذته سنة من النّوم .ثمّ قام في نومه إلى زوجته ليطلب منها الإسراع لأن الجوع قد استبدّبه..
كلّمها فلم تكلّمه كرّر السؤال وبصوت عال لكنها لم تردّ عليه .احتار في الأمر مابها ؟
دلف إلى داخل البيت فوجد الوجوم يخيم على عائلته وكانوا يصبّرون ابنه الأصغر الذي كان يبكي بصوت عال .
سألهم وأعاد السؤال مرّات ومرٍات كما فعل مع زوجته لكن لامجيب .
ترى ماذا حدث ؟...
دخل إلى غرفة نومه ,فوجد رجلا يشبهه تماما ميتا على سريره .
صاح أنا حيّ لست ميتا فلم يجبه أحد .
جاء المغسّل وغسّله وكفّنه ودخل مجموعة من الرّجال وضعوه في المحمل ورفعوه على الأكتاف.
أخذوه إلى المصلّى ليصلّوا عليه صلاة الجنازة ,وكان يدور بين الصفوف" أوبالأحرى كانت روحه هي التي تدور" ويكلمهم .ويصرخ :أنا حي فلا أحد يجيبه .
ولمّا أكملوا الصّلاة انطلقوا إلى المقبرة لدفنه .
في هذه المرّة تبعهم ساكتا لأنه كان يمشي وعيناه شاخصتان على الممدد في النّعش الذي كان
فاتحا عينيه وينظر إليه سزرا.
وماإن اقتربوا من المقبرة حتّى نزل الميت الذي يشبهه تماماولم يشعر به أحد وقال له .الآن جاء دورك ولم يشعر بنفسه إلا وهو على المحمل وقوة خفية تدفعه هناك .
وصلوا إلى المقبرة ,وكان القبر مهيأ ,أخرجوه من النّعش ووضعوه في القبر .وغطّوا القبر بشيء ثم صاروا يحثون عليه التّراب .ولم يكن يسمع أصواتهم وصوت الرّفش والتّراب الذي ينزل..
انتهى كلّ شيء لقد دفنوه ,وبدأ يسمع أصوات أقدام النّاس وهم ينصرفون شبئا فشيئا إلى أن
تلاشى صوت آخر قدم .
خيم السّكون وظلام القبر والوحدة .هنا بدأ يستعرض مسار حياته .لم أفعل كذا وكذا ..لم أسدّد دين فلان وفلان ,هاتفه النّقال لقد تركه في البيت وفيه أشياء لايريد أن يطلع عليه أحد .
عباداته كان مقصّرا فيها .
ربّاه لماذا لم يتركني الموت حتّى أصفّي كلّ شيء؟ لأذهب إلى ربّي طاهرا نقيا.لكن واحسرتاه.!
وهنا سمع صوتا هاتفا كأنه أتاه من الحياة الأخرى ليستفيق قليلا قليلا ويفتح عينيه ويرى ابنته الصّغرى توقظه وتقول :
-بابا بابا !لقد حضر الطّعام.
أفاق صاحبنا من نومه وهو يحمد الله أنّه لم يمت فعلا وأنّ الله يحبّه لقد أراه الوفاة في حياته حتّى يعتبر ويأخذ درسا قبل قبل فوات الأوان ...
بقلم "محمّد حمريط"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق