الاثنين، 30 أغسطس 2021

الغربة في الوطن.. للمبدع محمد عزو حرفوش

الغربة في الوطن. 
بسم الله والوطن.. هكذا أبدأ عادة في الحديث عن أيّ موضوع وطني اجتماعي وجداني. 
من البداية إلى النهاية تتزاحم سطور الحكاية.. وأيّة حكاية؟!
عندما نرسم الوطن في خيالنا ونُسكنه في قلوبنا. نرسمه واسعاً بلا حدود.. يمتدّ إلى عتبات السماء.. نرسمه كلّ الوجود.. ولا نطيق من غيره البقاء.
يتآلف مع النبض.. وتغني القلوب اسمه.
نصحو.. ذات صراع.. من الحلم الوردي الجميل.. لنعيش واقعاً لا نرضاه.. يمزقنا من أقصاه إلى أقصاهُ.
نعيش الضغينة بدلاً من الأمن والسكينة.. نرى وجوهاً غريبة وصوراً رهيبة. 
نكتشف أنّ للوطن الكثير من الحدود.. والظلم في الوطن بلا حدود.
نرى الصورة تتمزّق بين مطرقة الواقع وسندان الفضيلة والأخلاق.. وماء الوجوه على أرصفة العيش يُراقُ. 
نرى أنّ من يريد الحياة ترفاً.. ومن يريد الموت خلاصاً يجمعهم سباقُ.
نرى أنهاراً من دموع القهر.. تمسح أحذية اللصوص واللقطاء. 
نرى النجوم في النهار.. نرى القمر يُسرق من السماء. 
نرى الحقوق تُغتصب بشعارات جوفاء. 
نرى بيادرنا تُسرقُ.. ويتصدقون علينا بكسرة خبزٍ.. فنتجرّعُ مرارة الفقر.. ونحن الأغنياء.
يتحجّم لدينا التفكير.. ثمّ يتقزّم.. ويُحاسبُ صاحبُ الفكر المبدع الخلّاق.. على أيدي لصوص أدمنوا الارتزاق. 
ليس هذا وطننا.. نحن فيه غرباء.. لكنّه باقٍ فينا لا يرحل.. في عقولنا وقلوبنا. نعيده إلى الصورة التي رسمناها.. ذاك المارد العظيم.. نعيده إلى قمقم أحلامنا.. حيث نقيم.. فهناك كلنا أصلاء.. ليس بيننا غرباء.
ما أقسى أن يخيّر المرء بين الغربة في الوطن والغربة عن الوطن.. ولا نملك إلا أن نلعن أحرف الجرّ.
نعم.. الغربة في الوطن ناقوس.. يدقّ جدران الزمن.
الغربة في الوطن يتمٌ وعقمٌ في الفكر والقلب والبدن.
الغربة في الوطن طفلٌ.. يشيخُ في المهدِ.. يعضُّ على الجراحِ بأسنان اللبن.
حفظ الله أوطاننا من غدر المارقين العابثين عبر الزمن.
.. محمد عزو حرفوش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق