الجمعة، 27 ديسمبر 2019

بحث في علم العروض ----- للمتألق جميل صويلح

بحث في:
[[ علم العروض وجهة نظر إنتقادية ]]
  ✍ بقلم / جميل الصويلح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد سمي هذا العلم بعلم العروض : هو انه الشعر يعرض عليه وما وافقه كان شعرا صحيحا وما خالفه كان معيب وليس شعرا وهذا من وجهة نظر الخليل ابن احمد الفراهيدي مبتكر علم العروض ومن ايده من العلما والشعراء بعده .. والفراهيدي هو عالم من علماء اللغة وكان استاذا لسيباوي والذي بدوره اي سيباوي تفوق على استاذه في علم النحو .
★ والشعر هو ما اصطلح عليه بأنه ذلك الكلام المنسق والموزون عن قصد .. أي انه اذا وافق بعض الكلام الوزن احيانا فلا يسمى شعرا وحتى وأن وافق وزنه لاحد ابحر الشعر المعروفة .. فلا يعتبر شعرا وذلك لعدم توفر القصد في الوزن!! 
★ ما قبل عصر الفراهيدي كان الشعر يقال بالفطرة والسجية موزون ودون حاجة لعلم العروض ــــ!!
 ولذلك هناك منتقدين لعلم العروض وهناك ايضا مؤيدين له ، في عصر الفراهيدي وفي عصرنا الراهن ايضا ..!!
ومن ابرز الحجج لمؤيدي لعلم العروض والمنتقدين لعلم العروض هــــي وعلى سبيل المثال وليس الحصر وكما يلــــــي: 
★★★اولا : [[.من ابرز حجج المؤيدين أو المتشددين لعلم العروض]] هي :
المؤيدين لعلم العروض قالوا ان من فوائد علم العروض وبحسب ما جاء ايضا في كتاب الشيخ الدكتور محمد حسن عثمان بعنوان ( المهذب في علمي العروض والقوافي) مايلــي: 
1- حصر اوزان الشعر ومعرفة ما به من خلل في زيادة او نقصان .
2- ان الغير مُدرك لعلم العروض قد يقول بيت من الشعر ويظن انه صحيحا بينما هي تكون مكسورة . او خلط بين البحور والاوزان.
3- من يجهل علم العروض قد لٱ يعرف التفريق بين القافية المطلقة او الامتناع .. فالعرب عندما يقفون بأقوالهم يقفون بالسكون .. ولكن علم العروض واوزانه  تمكن الشاعر من معرفة او التفريق بين القافية المفتوحة اي المطلقة او الامتناع ..  فالقافية المفتوحة مثلا هي التي تقف بالفتحة ويتم إشباعها لينوب عنها الألف ، وهكذا فالضمة تشبع فينوب عنها الواو ، والكسرة عندما تشبع ينوب عنها اليا ..!!
4- ومن حجج المؤيدين ايضا لعلم العروض هو ان العصر ما قبل الفراهيدي كانت لغة العرب مطبوعة على الفصاحة ، وبالتالي ففي عصرنا الحالي من اراد ان يأمن اختلاط الاوزان والبحور والفصاحة فهو اذا يكون بحاجة الي علم العروض. 
5- كذلك قال المؤيدون لعلم العروض:  أن الجاحظ وهو الذي ذمَّ علم العروض هو ايضا اثنى على علم العروض بقوله :  ( هو علم الشعر ومعياره وقطبه ومداره به يعرف الصحيح من السقيم والعليل من السليم وعليه يبنى قواعد الشعر وبه يسلم من الكسر ومن يعرض عن هذا العلم هو من نأى طبعه عن قبوله ونائ به فهمه عن قوله ) .
★★★ ثانيا : [[ من ابرز حجج المعارضين او المنتقدين لعلم العروض وهم كثر]] هي 
:1- ان الفراهيدي هو ليس مبتكرا لأوزان بحور الشعر الــ 15 التي صنفها وإنما هي بحور موزونة جاهزة ومن ابتكار وإبداعات الشعراء انفسهم ومنهم في عصر الفراهيدي ومنهم ما قبل الفراهيدي ايضا ..
… . وما وضعه الفراهيدي هو ابتكار لعلم اسماهُ علم العروض وهو بمثابة قواعد او معايير وطريقة للكتابة اسماها الكتابة العروضية للتحقق من سلامة اوزان الشعر وبحسب تصنيف الفراهيدي لأنواعه الــ15 ، واصطلح الفراهيدي لكل نوع منها اسم واعتبرها بحرا من بحور الشعر وكما هي معروفة للكافة .
2- ومن الانتقاد على قصور بحور الشعر التي وضعها الفراهيدي بحسب علم العروض ايضا :
 هو ان الأخفش تلميذ الفراهيدي أتى ليضيف بحرا جديدا من بحور الشعر وسمي بالبحر بالمتدارك .. لتصبح عددها 16 بحرا ..!!.. بمعنى أن علم العروض الذي وضعه الفراهيدي والتصنيف لبحور الشعر كان قاصرا اعتمد على ما هو موجود من اساليب واوزان بحور الشعر التي كانت موجدة بعصره ، بدليل انه بعد الفراهيدي اضاف الأخفش بحر جديدا وهو المتدارك ...  ولم يتجراء او يجتهد احدا بعد الاخفش لاكتشاف او لإضافة بحور واوزان شعرية جديدة بسبب المعارضة المتشددة من قبل مؤيدي علم العروض ، ما يعني ان بحور الشعر التي اعتمدها الفراهيدي قد تكون تسببت في تقييد المبدعين والشعراء العرب لما بعد الفراهيدي عن اي محاولات للابتكار او التطوير لإبداعات او اواوزان لبحور شعرية جديدة من قبل الشعراء العرب المعاصرين ولما بعد عصر الفراهيدي … 
وبمعنى اخر هو انه يمكن القول جوازا بأن كل الشعراء العرب ما بعد الفراهيدي والاخفش وحتى يومنا هذا ماهم إلا في حكم المقلدين لإبداعات و أساليب وأوزان ابتكرها من سبقوهم من المبدعين الشعراء العرب حتى عصر الفراهيدي وتلميذه الأخفش ..!!
3- ومن المآخذ ايضا على علم العروض هو إن الجاحظ و هو من ابرز  علماء اللغة قد ذم وانتقد علم العروض .. وقال الجاحظ في ذمه لعلم العروض :  ( هو علم مولد وأدب مستبرد يستكد العقول بمستفعلن ومفعول من غير فائدة ولا محصول ) . !!
4- ومن المآخذ ايضا : هو ان الذي يقول الشعر الموزون بالفطرة والسجية فلا حاجة له بعلم العروض ، وكان العرب قبل الفراهيدي يقولون الشعر بموسيقا ووزن صحيح دون ان يكون موجودا علم العروض!!
5- كما يؤخذ على علم ايضا:  هو ان علم العروض يُخرج الشاعر من بديع الألفاظ وجمال المعاني إلي الركاكة والقصور او الي الزلل أحيانا... اي ان الشاعر عند وزنه لأبياته الشعرية يضطر احيانا إلي استبدال او حذف كلمات من البيت او الوقف حتى يصل الي تحقيق الوزن وبحسب وزن البحر الذي اختاره ونظم به شعره ، وبالتالــــي فإن عملية الحذف او الاستبدال او الإختيار لكلمات او لألفاظ بديلة ركيكة  .. هذه العملية تؤدي إلي تغير او اضعاف المعاني والتركيب اللغوي والبلاغي التي ارادها الشاعر للبيت .. وهنا تكمن المشكلة ، فعلم العروض يفرض على الشاعر التقيد التام باوزان بحوره المحددة سلفا لكي يتحقيق الوزن المطلوب لأبياته الشعرية .. ولكــــن للاسف احيانا كثيرة يكون ذلك التقيد/ بعلم العروض على حساب البلاغة والابداع وجمال المعنى ، وليس هذا فحسب بل ايضا على حساب وقف او رفض الابتكار والتطوير واستحداث اساليب واوزان شعرية جديدة  ،  ولا يتناسب مع شعراء كل مكان وزمان ، أي ان علم العروض قد يكون سببا في هزالة وركاكة واضمحلال الشعر العربي احيانا ، وحجرة عثراء امام ازدهار أو تطوير للشعر العربي ومواكبته للحداثة ايضا . 
6- ومن المآخذ ايضا على علم العروض:
 هو ان منتقديه من الشعراء والأدباء العرب وذوي المواهب في عصر الفراهيدي وفي عصرنا الحالي يتذمرون كثيرا من صرامة التشدد بالتقيد بعلم العروض ومن تعقيده وصعوبة تطبيقه حرفيا .. لدرجة ان الشاعر او الموهوب يشعر بأن علم العروض يسلب حريته وسجيته وقريحته وبلاغته ، فبدلا من ان يكون علم العروض مساعدا له في اطلاق وصقل موهبته الشعرية؟ قد يصبح علم العروض عائق يكبح جماح الكثير من الشعراء ويقيد إنطلاقته ومخيلته الشعرية ومواهبه وسجيته وفطرته و بلاغته ، وذلك في ان علم العروض هو من يتحكم يقولبة الكثير من اعماله الادبية الشعرية ..
 وليس هذا فحسب بل نجد ان المتشديين لعلم العروض يعتبرون ان اي نص عمودي او غيره لا يطابق في الوزن حرفيا لبحور الشعر للفراهيدي والأخفش وعلم العروض؟ هم لٱ يعترفون بانه شعرا ولا يعتبرون قائلها شاعرا ايضا .. بل يعتبرون نصه مجهول الهوية؟؟ وليس له مكان في بحور الشعر مهما كان او بلغ ذلك العمل او النص من الفصاحة أو البلاغة او الوزن الموسيقي او القوة في الابداع او التميز او السبق في التراكيب اللغوية والبلاغية او خصوبة وغزارة الخيال الجمالي والشعري والأدبي..!! .. 
ولذلك نجد للأسف بأن المتشددين لعلم العروض يروجون ويعترفون بالكثير من النصوص الشعرية الركيكة والهزيلة والخالية من اي ابداع او جمال او بلاغة ، بل ويعترفون بها بأنها شعرا ؟؟ وفقط لمجرد انها متفقة بالوزن مع علم العروض وبحور الفراهيدي؟ وهذه جل معايرهم؟؟ دون النظر الي الجمال والبلاغة والقوة والخيال والابداع والوصف والحجة!!
، فما خالف علم العروض وبحوره بالوزن فهي من وجهة نظهرهم نكرة ولٱ تستحق الترويج لها ولا  يعترفون بأنها شعرا ..!! 
7- ومن الأمثلة على قوة وتعاظم ذلك القصور ومحاولات التذمر والانتقاد لعلم العروض : هو محاولات التحرر من قيود وتعقيدات وعيوب علم العروض وبحوره الــ 16 عشر وكالتالــــــي:
** أ- ما حدث في عشرينيات القرن الماض من تمرد على بحور وموازين الشعر الكلاسيكية المعروفة الــ16 وتمثل ذلك في إنطلاق ما سمي (( بالشعر الحر او شعر التفعيلة)) .. والذي كان من رواده نازك الملائكة وأحمد مطر  وتبعهم نزار قباني وغيرهم…  فقد واجه رواد الشعر الحديث هذا معارضة شرسة ومصاعب جمَّا ، ولم يعترف المتشددون بألشعر الحر بأنه نوع من انواع الشعر إلا بعد وقت طويل ونضال مستمر وجبار من قبل رواد الشعر الحديث ..!!
** ب : ومن السلبيات لعلم العروص ايضا هو تدني بل وانعدام  تقريبا أي إزدهار او تطوير او ابتكار جديد لبحور الشعر العربي الفصيح الموزون خلال عصرنا الحالي بالذات إلا ما ندر ، بل ويكاد الشعر العربي الفصيح العمودي الموزون أن ينقرض ايضا.!!
**ج : هروب الكثير من شعراء عصرنا الحالي المبدعين والموهوبون والمثقفين من عيوب ومشقة علم العروض و تعقيداته إلي ما يطلق عليه (( بشعر العامية)) .. او (( النثر )) ..  وهذين النوعين ازدهرت وتطورت في عصرنا الراهن بل وتلاقي اعجاب وترويج وتشجيع متزايد لدى معظم شرائح المجتمعات وفي جميع الدول العربية دون إستثناء ، وبما فيهم الشرائح المثقفة والمتعلمة ايضا .. وذلك بالرغم من ان المتشددين لعلم العروض لٱ يعترفون بالنثر او بشعر العامية  كنوع من انواع الشعر  .. وحتى يومنا هذا بالرغم من ازدهارهما وتطورهما وسعة انتشارهما..!! 
★★ احبتي الكرام : ان ما كتبته لكم بهذا المقال المتواضع هو مجرد وجهة نظر ورأي شخصي ليس إلا وبحسب معلوماتي واطلاعي المتواضع .. ولكــــن الفكرة والموعضة في مقالي هذا هي هامة ومطروحة للتأمل والتفكير ايضا .. فانه ليس مستغرب وليس بجديد علينا ايضا نحن كعرب التمسك بعلوم او بقرارات او بمقاطعات والتشدد في تطبيقها ايضا ولسنين طويلة او حتى لقرون عديدة ، ودون ان نفكر او نقوم بأي مراجعة دورية للموقوف وتقييم النتائج او الوقوف على السلبيات او الإيجابيات الناتجة عن التطبيق خلال فترة زمنية معينة ، وكذلك من سجيتنا نحن العرب ايضا لا نلتفت الي اهمية تقييم النتائج او حتى قبول التفكير بالمراجعة وإعادة التصحيح للمسارات والإنحرافات او نقبل اعادة النظر فيها..!!
ختاما… . من اعماق قَلبـ♡ــيے لكم اصدق التحايا والشكر الجزيل احبتي الكرام .
  ✍.. بقلم جميل الصويلح.
 صنعاء في:  2018/9/30 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق