الخميس، 29 أكتوبر 2020

حوار مع النفس....للمبدع محمد رأفت القادري

_حوار مع النفس_
وهن الليل وتنهد
ومن حال الزمان رقد
تغطى بثوبه الأسود
ومن أرق به سكن
تراه جالسا يبكي
كمكلوم ويتمدد
تراه صاحيا أسعد
وروحه ثكلة تتجمد
هو مثلي
مزاجي
إذا ابتسم ليتنهد
بوقت يلبس الأفراح والأحزان
سويا
وفي الصيف تراه حط كوفيا
وفي البرد تراه عاريا أجرد
وكل دقيقة بالفكر يتجدد
ويخفي كل عاطفة وراء قناعه الأجعد
هو أيضا بلا قلب
ولا شفة
ولا شِعر
ولا بيت
وفيه العيب يتعدد
تشوها مثلما شاهت
بي الدينا
وللواقع
هو الأبعد
هو نفسي التي ضاعت
على الشرفات
والأسفار
والأقدار
والفوضى
وحين أردت أن أصحو من الكابوس
والهذيان والغربة
ضربت جبيني المنسيّ
بسقف الواقع الأنكد
وجدت الروح باردة كأني عاجز مقعد
فسلمت على نفسي
فما ردت
فقلت لها
وأنتِ الآن لم تمت
وإني ناظر أشهد
لماذا لذت بالصمت
فلست القبر يا نفسي
ولا أنتِ تعيشين بداخل المرقد
فقالت من وراء الحزن ترتعش
كأني فيك لم أوجد
وأنت بعد لم تولد
تغربنا تعذبنا
تباعدنا تبعثرنا تحطمنا
وذاك الحلم عن بيتي
تلاشى قربي وتبدد
وطيفه كل ما أقتربا
سرابا راح يتباعد
ولم يبق من الونس
سواك
وأنت لم توجد
وحسبي أني موءودة
بداخلك
ولست القبر والملحد
فأنت الميت المنسيّ
دون القبر في الغربة
ومصلوب على قضبان جلاد
وذكراك تناديها لكي تجلد
فأنت الرق والمرقرق والمنهوك مستعبد
أفق من طيس أحلامك
فلست بأرض أرباب يحق لها بأن تعبد
فإن البيت منذ رحلت
مريض دونك مجهد
وقد هرمت ستائره
والأبواب لم توصد
وكل أساسه المنكوب
ينتظر رسائلا منك لم
ترسل
وطيفا منك يتجسد
وأخبارا على شفة الرياح إليه
لم تسرد
فهذا الليل اسأله
وطف بنجومه البيضاء
واسأل عن هويتك التي
ضاعت وتعلم أنها ضاعت
بيوم لطخ الحبر بتأشيرة
بأنك تارك بلدي
إلى أبدي
فعذرا سوف أهجرك
كما الهجر لك غرد
وبالأوطان تقلد
ستلقاني على باب الحدود
هناك أوطاني
وثوب عشيرتي الأبيض
وتاريخ الذي كتب على الأمق
عريقا لا ولن ينقد
وإخواني الذين حملوني في دشداشتي البيضاء
في المهد
وسأرفع بأيديهم في دشداشتي البيضاء للقبر
سأبقى عندهم شامخا
ومفتخرا
هنا أرضي
وأصلي وأصل أجدادي
عرين الفخر و المجد
ستلقاني
وتسمع كل أشعاري إذا عدت
لك تنشد
فهل مازلت في ريب
فعش بالغربة من أنت
فلست أحد
ستبقى حائرا بكبد
فلا تسأل
جاوبك باقي عندي
فمن أنت بلا وطن
ومن أنت بلا مولد
ومن أنت بلا قبر
بلا أرض زرعت بها
ومنك الآن لم تحصد
فقل ماشئت وتردد
ولا تبق غريبا راح يتأبد

محمد رأفت القادري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق