العطاء المقدس
غادة و كامل رفاق طفولة، نشأت بينهما علاقة حب طاهرة مع مرور السنوات, توجت بخطبة بعد التخرج من الجامعة.
كانا أسعد ثنائي لأن موعد زفافهما اقترب. و مع انشغالهما بالتجهيزات لحفلة العرس و إرسال بطاقات الدعوة للأهل و الأصدقاء كانت السعادة ترافقهما على مدار الساعات و الدقائق.
في صباح يوم الأربعاء الذي سبق يوم العرس توجه كامل لمحل الملابس الرجالي لاستلام بدلة عرسه. لكن القدر شاء أن تصطدم بسيارته حافلة كبيرة كادت أن تودي بحياته.
فأسرع الجميع لإنقاذه و إخراجه من داخل سيارته و طلب الإسعاف.
وصل كامل إلى المستشفى بحالة خطيرة. و اتصل أحد الممرضين من هاتفه الجوال بوالديه لإخبارهما بما حصل.
هرع والديه برفقة غادة التي كانت بحالة انهيار جراء الصدمة و الخوف.
بعد مرور ساعات طويلة من الانتظار التي مرت على الجميع ملؤها القلق و الدموع، خرج الطبيب الجراح من غرفة العمليات ليطمئنهم على وضع كامل الصحي.
فقال أن وضعه مستقر و أنهم قد بذلوا قصارى جهدهم لإيقاف النزيف الداخلي. لكن الحادث قد تسبب له بحالة شلل و أن احتمال قدرته على المشي مجددا ضئيلة. لكن الأمل بالله سبحانه وتعالى دائما، و بمتابعته لجلسات العلاج الفيزيائي بعد أن يتحسن وضعه بإمكانه أن يستعيد عافيته و قدرته على المشي لكن كل شيء مرهون بالدعم النفسي و المعنوي أيضا.
انصرف الطبيب تاركا الجميع بحالة من الذهول و الحزن.
كانت غادة في وضع لا تحسد عليه، فعشقها لكامل أكبر بكثير من قدرتها على استيعاب ما حصل له.
بعد مرور بضعة أسابيع بدأ والديها بالحديث معها عن التفكير بإعادة النظر بارتباطها بكامل و أنها عليها ألا تربط مصيرها بمصيره.
*******
بدأت رحلة الضغوطات النفسية تجتاح صدر غادة
ماذا سأفعل ؟أنا لا أستطيع أن أفكر بفراقه لثانية هو بلسم روحي
وأنا له كذلك وقوفي إلى جانبه سيخفف عنه وطأة عبث القدر
لا لن أبتعد عنه وسأقف إلى جانبه بكل جوارحي وما أتيت من طاقة
وصارحت غادة أهلها بهذا وأنها مسؤولة عن قراراتها ومدركة لصعوبات الحياة
وتوجهت إلى كامل بناءً على طلب منه بأنه يريد التحدث إليها عن مصير علاقتهما
فجلس الاثنان في حديقة تشرين وعلى أنغام فيروز (بكتب إسمك يا حبيبي) كادت عيناه تغرق بالدموع فأمسكت بيديه وقالت لا تقلق أنت قدري وأنا لك ومعك
ولكن كامل أصرّ لاياغادة فكري جيدا يا حبيبتي ان لا أريد لك الشقاء وصدقيني موقفك هذا لن أنساه أبدا وسأغادرك الآن وقلبي يفيض لك حبا وعشقا
ولكن غادةصرخت به ..
كف عن هذا أنا اتخذت قراري وعليك أن تفكر بالمرحلة القادمة
أنا دخلت في مواقع على متصفحي وهناك أبحاث تدعم حقن الخلايا الجذعية في منطقة التأذي قدترمم هذا العصب وسوف أراسلهم
ولكن كامل طلب من غادة أن تتريث قليلا فهذا العلاج مكلف وليث بمقدوره هذا عليه أن يعمل بضعة سنين ليؤمن المال
ولكن غادة أصرت فراسلت جامعة في برلين وتواصلت مع الأستاذ الجامعي هناك وتم الموافقة بعد دراسة حالته
وبعد عقد القران سافرت غادة مع زوجها كامل الى برلين
ونزلا في فندق قريب من المشفى وفي اليوم المقرر للعملية
استيقظت باكرا وصلّت ركعتين حيث سجادة الصلاة قد بللت بوابل من الدموع النقية متضرعةو ابتهالا لله تعالى أن يشفي زوجها
وتم قبول السبد كامل للعمل الجراحي وزرع الخلايا الجذعية
و وبعد عملية طال وقتها من الصباح ولغاية مغيب الشمس
خرج الأطباء بوجه يدعو للتفاؤل وسلموا غادة تقريرا للعمل الجراحي مع نسبة نجاح عالية
وأخبروها أن على غادة ان تحيط زوجها بحالة نفسية ملؤها التفاؤل والأمل
والمرحلة القادمة تحتاج الى علاج فيزيائي ومزيدا من الإصرار على المشي والعودة لما كان عليه سابقا
وفي غرفة الانعاش ما ان فتح كامل عينيه واذا بوجه غادة الباسم يسلم عليه ويزيده املا فقبّلت جبينه واخبرته ان العملية كلّلت بالنجاح وسوف نبقى هنا الى بضعة أسابيع لتلقي العلاج الفيزيائي
ومرّت الأيام وكانت غادة بقرب زوجها تصغي لتعليمات الطاقم الطبي وكانت الفرحة تملأ قلبها بمحاولات كامل للمشي الحثيثة لكي يدخل الفرحة لقلبها الجريح
ومرت الأيام وهذا هو كامل يستعيد المشي ولله الحمد وعادا إلى البلد والفرح والسرور مصاحبا لهما
واستقبل الأهل والأحبة الزوجين بالترحاب ولكن غادة أخبرتهم بأنها سوف تعود إلى ألمانيا مع زوجها كامل فقد وجدت قبولا جامعي هناك لإكمال تخصصها في الإرشاد النفسي .
د.فرقدان الناصر
6/4/2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق