الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

غمام تشرين .. للشاعر المبدع عبد القادر الأسود

غَمام تشرين

أتى تشريـــــــنُ يحتَضِــــــنُ الغَمــامــا
ويَعصُرُ للمَيامينِ المُدامــــــــــــــــــــــا

يَمُدُّ جَناحَه فوق الروابــــــــــــــــــــــي
ويَغفو فوقَ كَرْمَتِها يَمامــــــــــــــــــــــا

ويحنو بالنَدى حُبًّـا فأهـــــــــــــــــــــــلًا
بمن أَغنى السَـنابلَ حيثُ هامــــــــــــــا

فخيرُ الجُودِ ما أَغْنَى وأَقْنَــــــــــــــــــى
وأحلى الشُرْبِ ما أَبْرى السِقامــــــــــــا

وخيرُ الدهرِ يومٌ فيهٍ عُدْنــــــــــــــــــــا
لنبعتِنـا ائتِلافًا وانسِجامـــــــــــــــــــــــا

وحَكَّمْنا التَراحُمَ والتَآخــــــــــــــــــــــي
وجافيْنا التَبَاعُدَ والخِصامــــــــــــــــــــا

وما جَمُلَ الربيعُ إذا تَلاحَــــــــــــــــــتْ
أَزاهِـرُهُ وجَرَّحـتِ الخُزامَــــــــــــــــــى

ولا حَسُنَ الجَمالُ بِــــــــــــــــــــلا ودادٍ
ولا حُسْنٌ بغيرِ الوِدِّ دامــــــــــــــــــــــا

                     *****

أتى تشرينُ، هذي الشــــــــــــامُ نَشْوى
تُساقيهِ المَوَدّةَ والوِئامـــــــــــــــــــــــــا

تُبادلُه الرِضى كأسًا بكـــــــــــــــــــأسٍ
ويُرضي اللهَ مَن أرضى الشـآمــــــــــا

أَمَا بالطُورِ أَقْسَمَ ـ جَلَّ، ربـــــــــــــي؟
وبالزيتونِ والتينِ اهتِمامــــــــــــــــــا؟

أَعَزَّ الشامَ، فالعذراءُ فيهــــــــــــــــــــا
لربِّ العرشِ قد نَذَرَتْ صِيامـــــــــــــا

فناداها "المًسيحُ" الطفْـلُ: أُمّـــــــــــــي
أَقِرّي العينَ لا تَخشَيْ مَلامــــــــــــــــا

و "موسى" كَلَّمَ الجبّارَ مِنْهـــــــــــــــــا
وفيها "المُصطفى" صلّى إمامــــــــــــا

وكان لها مَعَ المِعْراجِ شـــــــــــــــــــأْنٌ
فمجدُ الشامِ حاشا أن يُسامــــــــــــــــــى

إليها سـيِّدُ الأكوانِ أُسْــــــــــــــــــــــري
بهِ ليلًا فأهداها السَّلامـــــــــــــــــــــــــا

وفيها يقتُلُ الدَجّــــــــــــــــــــالَ عيسى
وفيها سَوْفَ يَلقَوْنَ الزُّؤامـــــــــــــــــــا

                  *****

فيا مَسْرى النبيِّ إِليكَ نَهفُــــــــــــــــــو
بأفْئدةٍ قَدِ اتَّقَدَتْ غَرامــــــــــــــــــــــــا

لكِ الأرواحَ أَرْخَصْنا وإنَّـــــــــــــــــــا
أُسُودَ الشامِ لا نَخْشى الحِمامـــــــــــــا

كَمَوتِ السِندِيانِ على ذُرانــــــــــــــــا
نُلبّي دعْوةَ الباري قيامـــــــــــــــــــــا

فَلا الإرْهابُ يُوهِنُ مِنْ قُوانـــــــــــــا
ولا غَدْرُ الجَبانِ قَضى مَرامــــــــــــا

وما لُبنانُ إلاّ العينَ منّـــــــــــــــــــــا
فهلْ تَرضيْنَ يا عينُ انْفِصامـــــــــا؟

فكم بِتْنا وِسادتُنا التآخــــــــــــــــــــي
وبالأمجادِ زَيّنا الخِيامــــــــــــــــــــــا

وكم قُمنا إلى الجُلّى جميعًـــــــــــــــا
نُقَوِّمُ عُودَها حتى استقامـــــــــــــــــا

وما كُنّا سِـــــــــــــــــوى عَمدٍ لِبيتٍ
منيعٍ علّم الناسَ الكلامـــــــــــــــــــا

تَفَرَّقْنـــــــا فَخَـرَّ السقفُ وهْـنًـــــــــا
وأُشْـرِبْنا العَداوةَ والخِصامـــــــــــــا

وجاءَ المُفسِدون بكــــــــــــلِّ أرضٍ
لِئامٌ، كيف نحتضنُ اللئامــــــــــــا!

أَباحوا أرضَنا سَفكوا دِمانـــــــــــــا
وكم كَسَروا لِصِبْيَتِنا عِظامـــــــــــا

وَحَلوا دارنا كُرهًـــــــــــــــا وقالوا:
تعالَوا نملأِ الدارَ ابتِسامــــــــــــــــا

وقالوا: السلمُ هـــــــــــــذا فاستَظِلّوا
برايَتِهِ إذا رُمْتُم سَلامـــــــــــــــــــا

أَبِالتفجير غرسُ السِلمِ ينمـــــــــــو
ويسقي روضَــــــــه دمعُ اليتامى!

خَسئْتُم، والذي خلقَ البرايــــــــــا
سنَبري من أصابعنا سِهامــــــــــا

فنفقأُ أَعْيُنًا بالحِقــــــــــــــــدِ فَحَّتْ
ونَسْحَقُ أَعْظُمًا ونَدُقُّ هَامــــــــــا

كرامُ الناسِ نحنُ وسَوفَ نُرْضِي
إِباءَ الشَّامِ أَوْ نَقْضِـي كِرامَـــــــــا

عبد القادر الأسود

هناك تعليق واحد: