الرجل المطر
استيقظت باكرا اليوم على نقر عصفور زار شرفتي في صباح خريفي عاصف بهواء شديد البرودة، شعرت بأن هذا الكائن الضعيف يبحث عن مأوى ليختبئ به هاربا من رياح تكاد أن تفتك بجسده الرقيق.
هممت من سريري متوجهة نحو نافذتي التي كانت أشبه بشلال من أثر الأمطار المنسكبة بكثافة و كأنها تتصارع و تتسابق للوصول إلى نقطة الما لا نهاية.
كان العصفور مازال منتظرا بأجنحته المرتعشة تحت سقف النافذة و كأنه يناشدني بإنقاذه من هذا العالم المخيف.
فعلا كان مشهد السماء مخيفا من شدة سواد السحب و هشاشة أوراق الشجر، و أصوات الأغصان المتكسرة كان يعلوا مع كل برق و رعد ليحدث ضجيجا يصدح عاليا في كل الأزقة الغافية.
تمنيت لو كان بإمكاني أن أنقذ العصفور، لكن قبل أن أفتح أقفال نافذتي لأصل إليه، حلق بجناحه المكسور و سقط أرضا.
تمالكت نفسي و أسرعت للخارج لعلي ألحقه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
لكنه كان قد اختفى، اختفى!!!
هو لم يمت، بل سبقني إليه من ترك أثر خطواته التي حفرت على أرض حديقتي الغارقة بالماء، و كأنه يريد إخباري بأنه هو من أرسل لي هذا الطائر المسكين ليوقظني من سباتي العميق، ربما يشتاق لقائي.
هرعت مسرعة للحاق به قبل أن يختفي تماما بين ضباب العاصفة، فوجدت مظلته الحمراء تبتعد و صدى صوته يردد عصفورك بأمان يا حبيبتي لا تقلقي، هذا أنا حبيبك، أنا الرجل المطر.
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق