النفس البشريّة.
رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.
أحبتي في الله والإنسانيّة.. بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. قال تعالى في سورة الشمس.. بسم الله الرحمن الرحيم ( ونفس وما سوّاها.. فألهمها فجورها وتقواها.. قد أفلح من زكّاها.. وقد خاب من دسّاها) صدق الله العظيم.
من قوله تعالى نبدأ وبه نهتدي.
الجسد البشري هو ثوب ترتديه النفس تؤثّر فيه ولا يؤثّر فيها.. بل هي الدافع والرادع لأيّ سلوك إرادي يقوم به الجسد بكافة أجهزته وأعضائه في تعامله مع الجميع.
فإن قادت هذه النفسُ الجسدَ إلى سلوك شرير تكون نفساً أمّارة بالسوء.. وإن قادته إلى سلوك سبل الخير تكون لوّامة.
فالنفس البشريّة قد أُلهمت الفجور والتقوى.. الخير والشر.. أي الفطرة الموجودة داخل النفس البشريّة تحمل الصفتين معاً.. وبنسب مختلفة يظهرها للعلن السلوك الذي يقوم به الجسد.
الإنسان بقرارة نفسه يعلم أنّ الشرّ موجود والخير موجود.. ويستطيع تلمّس مكامنهما.. لذلك فإنّ الوعظ يتوجّه إلى الجانب الخيّر في النفس ( الضمير ) لإيقاظه إن كان غافياً أو غافلاً.. فيرتدع الإنسان عن سلوكه الشرير.. إن كان للوعظ أثر عليه.. واستطاع الولوج إلى نفسه اللوّامه.. وإبعاد النفس الأمّارة بالسوء.
وهوى النفس إذا تمكّن من الإنسان فإنّه لا ينصاع ولا يصغي للقوانين.. سواء أكانت سماويّة أو وضعيّة.. وتأمره نفسه بالسوء وارتكاب المعاصي والمحرّمات دون ورع أو خجل.. وتسوّل الشرور والموبقات وتبرّرها وتحلّلها.. ( لستُ أنا فقط من يسرق.. لست أنا فقط من يخالف القوانين.. حلال على الشاطر.. أسرق وأنفق جزء والله غفور رحيم.. إذا قمت بذلك لن يراني أحد.. وغيرها الكثير....).
هنا يغلب على النفس الشحّ والأنانيّة فتغلّب المصلحة الشخصيّة على العامّة.. ولو أدّى ذلك إلى ضرر الجميع.
والأنانيّة مرض خطير.. تُحدث الأضرار والمآسي على مستوى الأفراد والمجتمعات والعالم بأسره.
النفس الأمّارة بالسوء أخطر من الشيطان نفسه.. لأنّ لا سلطان للشيطان على المؤمنين.
فمن استطاع تزكية نفسه وكبح جماح أهوائها العبثيّة فقد أفلح وفاز.. ومن لم يستطع فقد خاب وخسر خسراناً مبيناً.
ولعلّ تزكية النفس وتهذيبها أمر شاق.. لكنّه ليس مستحيلا.. وإليه سبل كثيرة إن قُصدتْ.. ومنها على سبيل المثال لا الحصر.. التقرّب إلى الله عزّ وجل بالدعاء والتوبة والاستغفار.. والابتعاد عن الجهل.. لأنّه نديم النفس الأمّارة وخليلها.. نبتعد عنه بالمعرفة وامتلاك العلم النافع للإنسان والعالم والإنسانيّة.
نحن نعيش الآن في عالم كثُرتْ فيه النفس الأمّارة بالسوء وتكاثرت.. فاستعرت الحروب.. وانتشرت الأوبئة.. وساد ظلم الإنسان للإنسان أو يكاد.. على مستوى الدول والأفراد.
الإنقاذ والنجاة يكون باستفاقة النفس اللوّامة.. وبدء عودتها إلى المعاني الباقية.. وترك المباني الزائلة.. عودتها إلى الحقّ وجادّة الصواب.
بالكفّ عن الشرّ والظلم والعدوان.
بالعودة إلى مساواة كفّتي الميزان.
بالعودة إلى الله خالق كلّ الأكوان.
بتزكية نفس الإنسان في الإنسان.
اللهم اجعل هذا الشهر الكريم رحمة وتراحم للعالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.. وأحمده حتّى يبلغ الحمد منتهاه.. وأسأله أن يبلغ قولنا مبتغاه.
.. محمد عزو حرفوش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق