يا قلبُ حسبكَ
قصيدة
بقلم الشاعر
الدكتور محمد القصاص
يا قلبُ حسبُكَ بالزُّهورِ ذُبُــــــــــولُ *** عِبَرَاً وحَسْبُكَ بالشَّبابِ رحيــــــلُ
جاءتْ كعودُ الزَّانِ ترسل طرفها *** والخَصْرُ ممشوقُ القوامِ نحيـــلُ
والثَّغرُ يزهو بين أزهارُ الرُّبـــــى *** والمسك من أنفاسها مسلــــــــولُ
شَفتان كالعنَّابِ توحي باللمـــــــى *** ورضابهَا شهدا به مجبــولُ
أيشوقُني الرُّمَّانُ في الثغرِ النـــدي *** والحبُّ يمضي للهوي ويَجـــــولُ
والقُبْلةُ الحَمْراءُ تذكيني هوي *** تشكو لثغرٍ شاقَهُ التقبيـــــــــــــلُ
حتي شذى الأزهارِ ظل يَشوقنـــــــي *** نفح تجدد بالندى مَحمـــــولُ
قد أودع الله الجمالَ لحسنـهــــــــا *** سحراً وحتى خدُّها فأسيـــــــلُ
يا سَعدُ من شربَ الرضاب على الظما *** شهدا وفي لثمُ الشِّفاهِ فُضـــولُ
من لم يذق هذا الرضاب يناله *** بعض الأسى والحبُّ فيه جليــــــــــلُ
إنِّي إلى خمرِ الشفاهِ مسـافرٌ *** فأنا بسجني قابع ونزيــــــــــــــلُ
يا صَحْبُ ما بالُ النُّجومِ إذا ثوتْ *** للغرب مالتْ والجناح يَميـــــــــلُ
دعني اقبل نجمتيك مداعبـــــــــأ *** هذا الجمال وقد يَرُعْني ذُهُـولُ
فإذا حنت بالساعدين تلفنــــــــــي *** يأتيني من سِحْرِ العيونِ رســـولُ
جاءتْ ونفحُ الورد في أنفاسهـــا *** من روحها يغدو الشَّذى ويَــــــــؤولُ
تلقى إلى القلب المعذَّبِ نفحها *** تبغي اللقاءَ وقلبُها مَشغـــــــــــولُ
بالأمس كنا كالزهور نقـــــــــاوةً *** والطيرِ تهفو بالجِنانِ تَجُــــــولُ
بالأمس من ألقي الغراَ بخافقـي *** ذكرى تؤرق بالهوي وتقـــــــولُ
والنفس تمضي للجمال وملئؤهـــــــا *** شوقٌ وقلبي للغرامِ سبيـــــــــلُ
يا قلبُ إنْ نَضَبَ الجمالُ فدلني *** أعياكَ بل يغشى الضُّلوعَ نُحُـــولُ
وإذا المودةُ غادرَتْ إحساسنـــا *** ونبا حبيبٌ أو جفاني خليــــلُ
وتَعثُّرُ الرُّبانُ في بحر الهــــوى *** ضلَّ السبيلَ وما سواك سبيـــلُ
يمشي بعرض البحرِ مذهولا ولا *** يدري بأني بالضلال ذُهُــــــولُ
قولوا لمن باعَوا الهُدى بجهالة *** خَسِروا وخابوا فالشَّقاءُ دليـــــــلُ
من بعد عزٍّ آيبونَ لذُلَّـــــــةٍ *** طالت فأزمَانُ الهوانِ تَطــــــــــولُ
البَعضُ لا يدري لأين مَصيـــرَهُ *** والبعضُ تَسْتَعْصِي عليهِ حلُــــولُ
ما لي أراكِ وقد أُصِبْتِ بخيبــــةٍ *** حرى وقلبكِ قد غشاهُ خُمُــولُ
فتصبَّري عامين أو مثليْهِمَـــــــا *** عنك السَّعادَةُ تختفي وتَــــزُولُ
لا تسألي كيفَ احْتَلَلْتِ مشاعري *** وغدا جمالكِ للفؤادِ رَســــولُ
ما زلْتُّ بين الذكرياتِ ألومهــا *** والدَّمْعُ يمعن في الجُفون هُطُـولُ
سأرى السَّعادةُ حينها قد غــادرتْ *** تبدو مُحالاً والنوى مأمُــــــــولُ
ولَّت ليالي السَّعدِ والحُلُمُ الــــذي *** أودى بوصلكِ والفراقُ كفيـــــلُ
فلتَنْعُمِي بالعُمرِ قبل زوالِـــــــــهِ *** فالعُمرُ يَمضي والشَّبابُ يَـــزولُ
إني نصحتكِ لا أروم ثوابَــــــهُ *** أبداً ومالي للثوابِ سبيـــــــــــــــلُ
تلك الحياةُ بِحُلْوِها ومرَارِهــــــــا *** تغدو كأشْلاء الزَّمانِ تَـــــــزولُ
سترى حياتي بالهوى مرهونــــــةً *** في كلِّ يومٍ مأتـمٌ وَعَويـــــــــلُ
والعمرُ يمضي لا دوام ينالـــــه *** أبدا وأيَّامُ الصَّفاءِ قليــــــــــــــــــلُ
لم يَبقَ في هذا الزمان غنيمــــــة *** فيه ولكنَّ الجميلَ جَميـــــــــــــلُ
إمضِ بقلبك ما أردتُ لكِ الرَّدى *** لكن صبري شاهدٌ ودليـــــــــلُ
وحذارِ أن ترجي الموَدَّةِ واتَّقــــــي *** يوما مهولا لا يُطاقُ مَهـــــيـلُ
مالحبُّ في دنياك إلاَّ قصـــــــة *** ورِهانُ بؤسٍ بالنُّفوسِ ثقيـــلُ
إني بحبك ما جنيتُ سوى الأسى*** تبَّاً لقلب للهوانِ خليــــــــــــلُ
ماذا أؤمِّلُ فيكِ من بعد الاسى *** قلبي بحبك بائسٌ وعليــــــــــــــلُ
يا طرْفُ ارجه فالمَصيرُ مُخيِّـبٌ *** لا تلتفتْ إنَّ الرجاءَ قليــــــــــــــــلُ
لو قلتُ ما بي لن أقولَ صراحـةً *** لم يبق عندي للفراق بديـــــلُ
إني قضيتُ العمرَ محسودا علــى *** ألمي وبؤسي والشقاءُ دليــــــــــــلُ
فغدا يودعكِ الجمالُ مُغــــــادرا *** يأبى الرَّحيلَ وقدْ غزاهُ رَحيـــلُ
حسبي من العذَّالِ ما يبدونـــــــه *** حسدا وكل حاقدٌ وخـــــــذولُ
قل لي بربك هل اغادر أرضهَا *** هلا استجابتْ؟ والغَرامُ سبيــــــــــلُ
ما كنت ادري ما الجمالُ وما بها *** قبلا.. ومثلي بالجمال قتيــــــلُ
هيا وساعدْني فقد طال النــــوى *** اخشى لشمسي غيبةٌ وأفُـــــولُ
ما زالُ قلبي بالتعاسةِ مُبتلـــــى *** جيشٌ يُداهمُ نبضهُ وفُلُـــــولُ
إمض مع الأيامِ لا تُلقي لهـــــــــا *** بالا وحسبي بالعذاب يـــــــــــــزولُ
لا تبلغي الأصحابِ عن آلامنا *** فأنا بشوقٍ للإيابِ عَجــــــــــــــولُ
قد تُنْصفُ الأيامُ قلبا بائســـــــــا *** يشتاقه بعد الفراقِ وصــولُ
دكتور محمد القصاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق