الأحد، 25 أبريل 2021

هلال رمضان... للمبدعة سعاد إيمان

🌹هلال رمضان 🌹                          
   

إستقبلت المعلمة تلاميذها بتحية مرفقة بابتسامتها المعهودة التي تعكس مكنون مشاعرها الطيبة ، ثم قالت :
- اصغوا بآذانكم الفتية ، واستمعوا إلي جيدا ، في هذا اليوم الجميل ، سنافر معا إلى عالم سحر الصورة ، سنطلق العنان لأناملنا الصغيرة ، للتبحر في الفن الجميل ، سنتأمل في ملكوت الخلق و نبدع ... خذوا أقلامكم ، عبروا عن أفكاركم ، أسردوا حكايات ، و أبدعوا من البداية حتى إكتمال الصورة ... في نهاية الحصة ، سأفرز العمل الجيد ، الذي سيحظى بجائزة تشجيعية تقديرية ، تخوله التباري ضمن المواهب بمهرجان المسرح و الأقلام ... 
إنكب الأطفال بشغف و وجوههم مشرقة كالبدر ، يتباهون بفحولة أقلامهم ، يخططون من وحي مخيلتهم ... أسماكا تنساب في غنج تحت ماء صافي ، غيمة كثيفة تنثر غيثا مدرارا ، نخلة في الفلا يانعة قطوفها ، معطاءة كريمة ... إلا أمين أحد التلاميذ النجباء ، الذي كان يلف وجهه شحوبا و اصفرارا ، كان رسمه مختلفا ، أراد أن يفتح لأحلامه الباب على مصرعيه ... لكن سلطة الواقع منعته ، فاكتفى بسرد حكاية تهمه ، هلالا عالقا في سقف غرفة ، وأب بمعية أفراد أسرته يجلسون القرفصاء ، حول مائدة خشيبة بسيطة ، تتوسطها كؤوس شاي ، كسرات خبز و صحن به بضع تمرات ... 
إنتهت الحصة ، و أخذت المعلمة تتصفح إنجازات البراعم البريئةمتأملة محتواها واحدة تلو الأخرى ، إستوقفها رسم أيمن ، لم تبخس من مجهوداته ، استدعته إلى مكتبها و أردفت قائلة :
- ماهذا الشح في الرسم و الألوان يا أيمن ... فأنت ذو موهبة وصاحب خيال و إلهام ...! 
أجابها أيمن بصوت محتشم :
- رسمت شيئا من الواقع ، هلالا يعوض مصباح غرفتنا الباهت مع وجبة فطورنا في رمضان التي صارت بائسة منذ أن توقف أبي عن العمل ...
تملكت المعلمة الدهشة ، وغمر عينيها الدمع ... طأطأت رأسها تفكر قليلا ، ثم إستأذنت بالخروج لبضع دقائق ... 
عادت لتزف خبرا سعيدا لأيمن : 
- لقد كلمت رئيسة جمعية خيرية بشأن وضعية والدك ،فقبلت دمجه كحارس مقابل أجرة ومعونة يومية . 
ملأ الاطمئنان روح أيمن ، وتملكته الأريحية ، شكر معلمته كثيرا وطلب منها أن تمنحه رسمه ليضيف عليه بعض اللمسات ... أثرى مائدة الإفطار بألذ الوجبات ... حليب ، عصائر ، فطائر ، جبن ، أنواع من الحلويات ، و مصباح متوهج يغطي نوره سطح البيت كله و يزيد التلألأ للوحة زيتية وضعها على جدار الغرفة ... كُتب عليها : 
رمضان بشير خير ... أعاده الله عليكم و علينا باليمن و البركات. 

ذ/سعاد إيمان :09/04/2021

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق