الجمعة، 5 يونيو 2020

مت قاعدا....للمبدع د. سليم أحمد حسن

مــُـتْ .. قـاعـــداً
المستشار د. سـليم أحمـد حسن ـ الأردن
***********************************
كان زميلي في العمل لسنوات طويلة ، وتم إحالتنا على التقاعــد سويًــا ،
حين وصلنا سن الستين... التقيته صدفــة بعد أشهر قليلة من ذلك، كان
يبـــدو ساهمًا ، شاردًا ، شيخًـا هـرمًا ، ضعيفًـا ،ضائعًـــا..
وحين سألته عــن حاله قال :
***
حــال الـ " مُتْ .. قاعد " مثـلي، لا طعـــم لـــها .. أو رائحـة .. أو لــونْ
هي ، صــور لليأس أو البؤس أو الحزنْ
مع كـــلِّ الراتــب .. نصف حيـاةْ ..! مع نصف الراتب .. ربـــــــع حيــــاةْ ..!
ما أفظعَ ، أو أبشعَ ، أن تحيا ربع حيــاةْ.. هي أقــــربُ للعـــدم أو المــوتْ..
فهـــــي حيـــــاة ، دون حـيـــــاةْ.. هــــذا الواقـــــع مــا أقـــســــــاهْ..!
هــذا الـ " مـُـتْ.. قاعـدُ " مـا أشـــــقاهْ !
* * *
عملتُ بصـدقٍ ، وبإخلاصٍ ، وولاءٍ ووفـاءْ
عملت بصـبرٍ فاق حـدود الصبر، بكل عناءْ
لم أسمع كلمة تشجيعٍ ، أو مـدحٍ وثنـــــــاءْ
جاوزت الســــتين، قـالــــوا .. مــا عـــاد لــديك عطــــاءْ ،
قــلتُ بـــلى، ما زلـــت بعافــيٍـــة في الجسم بحمــــــدِ اللهْ
ســــليمًا في العــقـلِ، قويًــا في الفكر، خبيرًا في العـمـــلِ،
ولــديّ الـــقدرة، للتخطيط، وللتطوير، وللإبداع بحول اللهْ ،
****
قيل ، لن يسمعَ أحدٌ صرخةَ حقٍّ ، تطلبُ عدلا..
فنص القانون الجامد والحرفي.. هو الأقوى من كل رجاء !!
فاذهب كي تنعمَ بهدوءِ الراحةِ والحبِّ ، والاستقرارِ ، بظل الزوجةِ والأبناءْ .
* * *
أررررتـــــــــــــــــــاحْ ..؟!!!نصف الراتب، ربع حيــــــاة،
الزوجة في المطــبخ تصــــرخ كلّ صبـــــاح ، ومســــاء ..
أرجوك لا تتـدخل، بشـــؤون البيت، أخرجْ، ابحث عن عملٍ، مهما كـانْ !
لا تجلس في وجهي طـــولَ الوقـتْ، يكفي ما أنا فيه .. من هـمٍّ وبـــلاءْ .
* * *
يـــا ســـيّدتي ، أنت على عـــلــــمٍ ، أني أبحث عن عمــــلٍ في كل مكان ..!
وأنت على عـلـــــــمٍ ، أني لن أرفضَ عملاً ، حتى لــــو كان " بـــــدكّان " .
وأنـــــــا أعـــــلمُ أني، صرت ثقيــلآً،مـرفوضًا، وكئيبًا ، وتعيسًـا ، وحـزينًـا ..
وفقــدتُ مــــزايا الإنــســـــانْ..!
وأنا أعلم، أني أصبحت"حصانًا غـــربـيًـــا "قــرّر صاحبُه أن قــــد شــــــاخْ ..
وما عاد له نفعٌ في الخدمـــة .. وينتظرُ الآن رصاصةَ رحمـة ..
* * *
فجعت بما أسمع وأرى .. ما عاد هذا الزميل
الشخصية القوية ، صاحب الإرادة والقــرار،
أصبح ضعيفا حتى الموت ، فصــرخت فــي
وجهه ..
**
يــا هــذا: إنك تقتلُ نفسَكَ، وتدمِّـرُ بيـتـكْ، هـذا حال المهزومينَ الضعفاءِ الجـبنـاءْ ،
كنتَ الأقـوى بإرادتــك الصلبَةِ والحـيـّـــــةْ ..
كنتَ الأقوى،وأنت تقاوم كل الأفكارالسلبية ..
كنت تقـــاوم بالإيمـــان ، وتحيا بالإيمــــان ..
وتقول لنـــــا دومًــــا " اعـــقـلْ وتــــوكّـلْ"
وكنت تقول: نحن نكرِّس في أعماقِ الباطنِ، أفكارَ المستقبــلْ ،
ونحن نوجِّــــه بإرادتـــنــا خـــــطَّ مصـائرنـــا للمســــتقـبـــــل ،
فكيف انقلب الأمــرُ إلى هــــذا الوضــع اليــائــس والقــــاتـــل ؟
يــا هــذا.. شاركْ، وتكيّف ، وتفـاعلْ .. ابحث عن عمل طوعي يشغل وقـتـــــك ..
اقـــرأ ، أكتــبْ ، ابحــــثْ ، وتســــألْ . واجعل فســــحةَ أمــلٍ عـندك وتفـــاءلْ ..
عشْ يومَــك .. لا تنتظر الغـــــــد .. حتى يـأتي " إن جـــــاء " .. بغــير عـنـاءْ ،
وبـــذلـــك تــحيــا بـســـلام ، وهــنــــاء وصـــفــــاءْ ....
*****************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق