الأحد، 27 يناير 2019

قصة قصيرة ....للمبدعة نرجس الأبيض

#قصة_قصيرة

#شخصية_روائية_متمردة

مرحبًا أنا ماريا، عجوزٌ أبلغ الخامسة والسبعين من العمر.
شخصية تمَّ اختياري لتمثيل دور العجوز المسكينة التي تعيش وحيدة مع قطة، في كوخٍ قديم رطب، مليء بعفن الذكريات، وسريرٍ متهالكَ، بشراشف رثةٍ
وكرسي هزاز متآكل، وطاولة يعلو سطحها الغبار، مع القليل منَ الإسطوانات الصدئة، ومشغل موسيقى عمره أكبر مني.
هذا ما آل تفكير تلكِ الكاتبة لي
أيتها اللعينة؛
وأفكاركِ السيئةِ.
نعم، ملعونة، فكل الروائيين ملاعين إذا كانوا كتلكِ الكاتبة،
جعلتني أسكن وحدي، أنا وقطتي في هذا الكوخ المتهاوي.
تبدأ قصتي كالآتي:
أنا وفي ذات صباحِ استيقظت،
بسبب الضوء النافذ من خلال زجاج النافذة المكسورة .
وكنتُ أنزعج جدًا، عندما يلاطفني
ذلك الضوء ويوقظني .
من قال ذلك؟!
ها من؟
آه!! أعرف، أعرف.
تلكِ المجنونة، بأفكارها السيئةِ
دعيني أخبركِ إذا؛
أنا أحبُ ضوء النافذة جداً، لأنه يجعلني أستيقظ في الصباح الباكر،
فأنا لست كسولة، أيتها المشاكسة، لست كمثل فتيات هذة الأيام يستيقظًن متأخرات.
المهم ....دعنا من هذا الهراء
لقد أهدتني من سلسلة أفكارها، بعض الأشياء الجيدة،
كالحديقةٍ والنباتات التي على شرفة الكوخ، وقطة بفراء أبيض ناعم، بعض الأسطوانات المحببة لدي للمطربة فيروز.
لا تكوني سعيدةٍ أيتها الكاتبة البائسة، لم أقُل أنكِ جيدًة، كنتْ فقط أذكر بعض الأشياء التي أعطيتِها لي.
وفي سياق الرواية، كنتْ أعتني بزهراتي الجميلات، ونباتات الصبار الشائكة، الموضوعة على شرفة النافذة، وأنا أستمع إلى صوتُ فيروز وهي تغني .....( يا طير يا طاير على طرف الدنيا .......)
في أسطوانة قديمة، وصدئة تتوقف بين الحين والحين، ألم أقل بأنها ملعونة؟
دعوني أخبركم بشيء، إن الكُتاب سيئون، أجل سيئون.
مثلا تلكِ الكاتبةٍ الملعونة، تجعلني أمثل دور الوحدة والتعاسة والفقر، والحزن
آه من أفكاركِ السيئةٍ، لماذا لم تفكري لي بمكان جميل مثلاً، وأناْ في ريعان الشباب ولي عائلة سعيدة، وأحداث تسير وفق المعقول، خالية من الألم والحزن والذكريات.
أعرف أعرف سأكمل؛
كانت هناك عصافير صغيرة، على شرفة الكوخ، تنتظر فتات الخبز المتبقي من فطوري.
والذي هو عبارة عن،
قطعةٍ من التوست، وقليل من الحليب، وقطعةٍ جبن قديم
يالكِ منَ بخيلةٍ!!
المهم...
أتناول الفطور أنا وقطتي المسكينة، التي نسيت كيف يكون شكل اللحم، وكأنه لا يمر بتفكير الكاتبة
ليس من أجلي، منَ أجل تلكِ القطة المسكينة.
الذي يليه من فيض الأفكار السيئةٍ، فكرة بحنفية مياه قديمة، ومكسورة تسكب قطرات الماء المزعجة.
آه! أيتها المزعجة، عقلكِ يتخيل أشياء مزعجة مثلكِ
تمامًا.
بعد أن أسقي الزهور، منَ حنفيةٍ المياه المكسورة، أذهب وأجلس على كرسي هزاز، وأنا أضع وشاحاً قديمًا، مثقوباً من الجوانب على كتفي، ذاك الوشاح الذي أهداه لي زوجي في عيد الحب، يالكِ من رومانسية، برائحة قديمة جدًا، أنتِ تحبين الذكريات والأشياء القديمة،
ماذنبي أنا؟
التالي؛
تجعلني أتوه بين الذكريات، أمشط الذاكرة، أبحث عن وجوه قد غادرتني بلا عودة، تجعل مني حزينة وبائسةٍ .
على فكرة؛
جعلت مني أرملة، وليس لي أولاد،
أي أني لا أنجب.
آه أيتها اللعينة، وأفكاركِ المتعفنة، ماذا عساكِ تفعلين؟
تريدين أن تثيري شفقة من يقرأ روايتكِ السيئةِ.
وما ذنبي أنا؟
ها ماذنبي؟!
أنتِ في الختام، سوف تنالين إعجاب من يقرأ روايتكِ المستوحاة من أفكاركِ اللعينة، و التي ستدر عليكِ بعض المال.
وأنا سأقبع وحيدةً، في هذا الكوخ
المتعفن برائحة الذكريات، لا أحد يعتني بي، ولا أجد أحداً أكلمه، وكل يوم تكررين المشهدّ ولا تسأمين.
إلى ماذا ترومين؟
ها إلى ماذا ؟
آه عرفت؛
أنكِ تفكرين لي بميتةٍ تثيرين فيها دموع من يقرأ روأيتكِ التعيسةٍ،
كخاتمةٍ مؤلمة، لعجوزٍ هرمةٍ عاشت في كوخ قديم، وماتت فيه،
أليس كذلك؟
فلتذهبي إلى الجحيم، أنتِ وروايتكِ، لن أسمح لكِ بنيل مرادكِ
آه لو أمسكت بكِ، سوف أجعلكِ
تندمين.
كانت منزعجة جدًا، فتحت باب الكوخ، وهربت من بين الصور والسطور، خرجت ولم أعرف لها مصيراً.

يقولون، أنها شوهدت في باريس،
تستمتع بوقتها في رواية كاتب
أفضل مني، جعلها شابة جميلة، أعطاها بيتاً جميلاً، وفراش دافئاً، وفطوراً متنوعاً، وقطتها تستمتع بقطع اللحم، كل يوم.
ومشغل أغاني حديث، وهي الآن تستمتع بوقتها.
وتبدو بحالة جيدة، وهي لا تتذمر الآن، قد راقت لها أفكار الكاتب الجديد.
صديقتي ماريا، لم أعزم على موتكِ في روايتي أبدًا، وكنتْ أفكر
لكِ بالأفضل، فكرت بأن لكِ ميراثاً من أحد أقاربكِ، يقدر بثروةٍ لكي تنعمي بها، بما تبقى من عمركِ، ولكنكِ استبقتِ الأحداث، وأسأتي الظن بي، ونعتيني بالملعونة.
لكن لا يهم، المهم الآن أنكِ بحالة جيدة، ولا تتذمرين، كوني بخير.

#النرجس_الأبيض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق