الجمعة، 12 يوليو 2019

عدالة السماء... للمبدع حميد شاكر الشطري

( عدالة السماء )
مقهى بائس ،لا أجد فيه أحد سوى رجل وحيد طاعن في السن، أشعث الشعر، ملابسه رثه ،حافي القدمين ،جالس على أحد الأرائك التي نخرت خشبها حشرة  الأرضه ،  القيت التحية عليه عند دخولي ،رد التحيه ببرود كالثلج .
ظننت إنه لم ينتبه أو إنه مخبول أو ..أو .لا أعلم مابه وما يخفيه ،فالعلم عند الله وعنده .
كان يحدق بي كثيرا، وكانه يعرفني ، أخافتني نظراته من عيون غائره ووجنات رسمت عليه خارطة تضاريس العالم كله ، نظراته تبعث شررا وحمما براكانيه تكاد تحرقني ،
حاولت ألخروج ،لكن هناك شيء خفي جعلني أتريث ولن اتعجل الخروج .
لوحت بيدي لصاحب المقهى الذي يشعل نار لتهيئة الارجيله للزبائن القادمين، إن  كان هنالك قادم .ليجلب لي كبتشينو اشربها ،كان ينظر لي بعمق وأخرى ينظر الى الموبايل الخاص بي  الذي وضعته على الطبله وكانه يتوقع منه شيء ما أو خبر مهم ،خشيت أن لايراوده الشيطان ويخطفه ويهرب ،سحبته بهدوء كي أضعه في جيب بنطالي ،لكنه قال وبصوته الأجش المخنوق
لماذا تريد إخفاءه ؟إنه سبب دمار هذا المجتمع ،لا عليك يابني، أن لاتظن بي سوء فنحن الفقراء لانسرق بل سرقونا  ، تمتم بعدها بكلمات وبكى بشده
لم أتكلم معه بل جفلت ووضعت هاتفي مكانه ، أخرج منديله وفرك عينيه ونشف دموعه ، وأردف بقوله
ماأرخص دموع الفقراء أمام الحاكم الظالم
أشر بيده الى صاحب المقهى باني  ضيفه
- هذه الكبتشينو على حسابي فنحن الفقراء كرماء أيضا
أخجلتني كلماته وتمنيت ان لا أأتي ثانية كي لاأرى في هذا المقهى شيء اخر قد يكون أصعب من ذلك الذي أنا فيه ، عالم غرائبي أشبه بمقهى يدخله إناس ويخرج منه  أخرون وأحيانا دون وداع ، إلتفت الى الرجل واذا به يضع راسه على إحدى المساند ليخلد للنوم ، بعدها داهمني الوقت ولابد لي أغادر عالم المقهى البائس ، ومن باب الادب أن أبلغ صديقي الطيب باني ساغادر وأشكره عن ماقدمه لي ، اقتربت منه ، وإذا بصوت صاحب المقهى
-إتركه ماذا تريد أن تفعل به ؟
رددت عليه بصوت متلعثم  فيه شيء من الخوف
-لا ..لا شيء ..س .. سوى ايقاضه لأودعه
إقترب منا كثيرا وحاول إيقاضه  فلم يفلح ، حركه ، لكنه اخلد لنومة لم يستيقظ منها أبدا ، إلتفت لي صاحب المقهى
- إنه ميت .. أكيد أنت قتلته أليس كذلك ؟
- كيف قتلته كف عن الهراء ياهذا .. ماذا تقول انا لا أجرء على قتل نمله
خرج صاحب ألمقهى واخذ يجمع الناس ، تجمهر الناس
وجاءت سيارة الشرطه ترجل ضابط منها واقتادني لاضحية إستسلمت للجزار ، دون أي سؤال الى المركز وهناك بدأ ألتحقيق معي بالضرب لانتزاع أقوالي وإعترفت أخيرا باني أنا القاتل كي أستريح من التعذيب .. أودعوني في السجن وبعد ايام نودي علي بالخروج براءه كون الرجل لن يقتل بل مات لتوقف القلب المفاجيء وحسب تقرير الطب العدلي
لقد كانت عدالة السماء. ارحم من عدالة الارض 
بقلم / حميد شاكر الشطري / العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق