" على حَافةِ مَطرْ .."
في المقهى ..
المشرَّعِ على الرّيح
و احتمالاتُ المطر
المتكئِ على ظلِّ الوقت
هي وأنا .. كنّا
وبقيةُ الضّوءِ المتسّربلِ
من شقوقِ النّهار
فوق شرشفِ الطّاولةِ الشتويّ
أصابعُنا
تنسجُ حكايةَ حلمٍ
قابَ تشكّلٍ من مفترقِ
قافيةٍ
وقَمر ..
مطرٌ ..
بَدا منهمكاً برفعِ سرواله
استعداداً لعبورِ البّحرِ
هو لايعرفُ ..
ربّما لم يخبرْه أحدٌ
أنَّ البحرَ جالساً معنا
وهو ثالثنا
بمعطفهِ الكحليّ
يحتسي قهوتَه
ولا بأسَ في غيابِه
واستغراقِه بجزدانها
وجَزمتها الجلديّة
تلك المرأةُ المَنَارة
للسّفن الآيلة للرّحيل
من العبور ..!
في عينيها
غمامتان ماطرتان
وفوق شفتيها
شفقٌ ورديٌّ وغروب ..
وفي المدى الَّلامتناهي
قوسٌ لازورديٌّ بين أزرقين
يرسمه الصّدى
قبّةٌ كونيةٌ وسعِ المدى
يسكنُها آلهةٌ وأنبياء
وامتدادٌ أزرقٌ
يسيلُ من طرفِ قميصِها
حتّى آخرِ المجرّاتِ
السّادرةِ بالودقِ الأخضرِ
والماء ..
أيُّها الموجُ المهيبُ
كم أنتَ وقورْ
وأنتَ تلثمُ أقدامَنا النّحيلةَ
وتشيرُ إلى ظلِّ ساقها
الظّليلةِ
بإصبعٍ مبتورْ ..
أيُّها الأزرقُ العالي المتعالي
لو منحتَ أحلامَنا موتاً
غير ذاك
الذي يشبهُ الغرقَ
أيُّتها الشَّبابيكُ المحشوةُ
برضابِ الشَّهوةِ
ها أنا وحيداً من غيرِ أفقٍ
أتأبطُ نهدين ضجرين
من سمّاقٍ
وحبقٍ
أغرغرُ ضحكةَ امرأةٍ ..
موجةٌ شبقةٌ ..
تسافرُ عميقاً في مهبِّ الزّبد
بين زغاريدِ البرقِ
والزّمنِ الآفلِ ..
والأبد..
كنصفِ نبيٍّ ..
فتحتُ كفيَّ ضارعاً
ألملِّمُ وجهَها
أنثايَّ الجموحةُ كخيلِ المسافاتِ
كأفراسِ النّهرِ ..
هجستُ :
- هذا الفضاءُ الفارهُ لي ..
هذا السّحرُ المنفلشُ فوقَ
بياض الطاولة ..
تحت الطاولة
لي ..
ولكِ ما أضمرَه الرّمادُ للجمرِ
ما للموج الرّاعشِ
في حاضرةِ البّحرِ ..
لنا الوقتُ ..
ماتبّقى من الوقتِ ..
ولنا آخرُ ما أسرّتْ به السّماءُ
للسّرابِ
للرّذاذِ الدّاشرِ
الذي رمى وجهَنا ..
بالغياب ..
أحتفظُ بخَشبة ٍ
أدّخرُها للغرقِ ..
مزماراً
لهبوبِ الشّوقِ
وريداً من شغفٍ..
يراودُ ذاكَ الوجهِ
الذي غابَ
نصفيَ الباقي أنتِ
وأنا
نصفيَ الذي غيّبَهُ
رغمَ أنفِه ..
الغيابْ .!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق