" يَشبهُني إلّا قليلا .. وَجهي .."
سكنَ الّليل
وفي سكونِه حضورٌ
وغياب
هي فلسفةُ الطِّينِ
والحنين
لوجوهٍ غيّبَها الصّدى
وبقيتْ
جرحاً غائراً لا يغيب
لا النَّزفُ يخبو رويداً
رويداً
ولا الظّلُ يخلعُ ظلَّه
والمدى ..
- أيُّها الغريبُ ..
أمّا وقد غابَ وجهها
تلكَ المرأةُ
التي طالما بعثرتُها
وأعدتُّ تجميعَها
ترتيبَ أشياءها
وجهي ..
لطّخَه دمُ المغيب .!
طقوسٌ يقيمها الفجرُ
لمنْ كانَ للعمرِ وشاحاً
للصّلاةِ خاتمةٌ
وخشوعْ ..
وبينَ الضُّلوعِ أقامَ ردحاً
من الوردِ
شذى عطرٍ وبنفسجٍ
وبرتقالْ
ويظلُّ السؤالُ ..
يمخرُ عظامَ الوقتِ
طولَ الوقتِ
- هل بعدَ كلِّ هذا الذَّهاب
من رجوعْ .؟
أستَلُّ النّزفَ
من غمدِ الجراحِ
أناشيدُ
فوضى مواعيدٍ
ضيّعتَها ضراوةُ الشّتاتِ
حطامُ أحلامٍ
تعيدُ لملمةَ أشلائها
أشيائها
بين قبضِ الوقتِ
وانبساطِ المسافاتِ
يعاتبني المطر
مغاضباً
والبرقُ المُنكَسِرُ توقاً
للحضورِ القاتلِ
مع أرومةِ الوحي الآتي
سرمداً
ومدادْ ..
في مواسمِ القَحطِ الهاطلِ شَططاً
مساماتُ الرَّوحِ مقفلةٌ
زنزانةٌ تزنّرُها
أشباحٌ مصفّحةٌ
أقفالٌ صدئةٌ
أبوابٌ صادمةٌ
وبوّابْ ..!
سَكنَ الّليلُ
وفي سكونِه
منْ تُراهُ يعيدُ التوازنَ
للتوازن
خرسُ الأبديّة
نباحُ النيازكِ الآيلةِ للتلاشي
الشواطئُ المستباحةُ
على قارعةِ القهرِ المباح
بلا رأسٍ
أو كفين ترفعهما للسّماءِ
بالدُّعاءِ
الموجُ الزّاحفُ عاصفةٌ
أرجوحةٌ معلقةٌ بسروالِ نجمة
هلالٌ قابَ اكتمالٍ
لا الّليلُ له أنْ يدركَ الفجرَ
ولا البحرُ العاثرُ
يغيّرُ خارطةَ المُحالِ ..
من تُراه
يفكّكُ ملحمةَ هذا الرّحيل
الموغلُ في الرّحيل
يضبطُ إيقاعَ الذّهابِ
لمنْ ذهبوا
وما ذهبوا
وألفاني خلفَهم أنادي
بكلِّ ما ملكتْ ودادي
من تراتيلٍ
مواويلٍ
تراجيديا اندحارٍ
انتحارْ
في هدأةِ اللّيلِ المعنكبِ
وقد وهنَ الضّوءُ منّي
ووجهي
بالكادِ يعرفني ..
الموتُ يحاصرُ
ذاكرةَ المكانِ
في غياهبِ الجرحِ
والجرحِ بلا ضمادٍ
أو أكفان
النّزفُ أرجوحةٌ الوقتِ
سجنٌ وسجّان
من تُراه
يدقُّ مساميرَ الهدايةِ
فوق جسدي المعلّقِ أسمالاً
فوق ذاك الصّليب.
والليلُ السّاجي
سجّادةُ وشايةٍ
في هذا السّكونِ العسّليّ
وترٌ في كمنجةٍ
أعياها النّحيبُ ..
جرحي يشبهني إلّا قليلاً
صديقانِ هو والفجرُ
بقايا عمرٍ
على قارعةِ مقصلةٍ
شفةٌ تلتهمُ شفةً
وحشدُ أحذيةٍ
وأبالسة
تتهجّدُ بالبسملةِ..
يانوحُ ..
التّنّورُ يفورُ ..
هلّا أشرتَ لسفينتك
أن تدورَ
أن تشقَّ صراطَها
في خاصرةِ الوقتِ
والبُّحور.؟
يا نوحُ ..
مالكَ تبدو عصبياً
فاقدَ الحيلةِ
مَلولاً ..؟
كَفني ..
يشبهني إلا قليلاً
الدُّودُ يحتفي
جَسدي قابَ وصولَ ..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق