الأربعاء، 17 أغسطس 2022

ثمن الحرية...للمبدعة انعام احمد رشيد

ثمن الحرية قصة قصيرة بقلني دكتورة انعام احمد رشيد
في إحدى القرى الصغيرة كانت هناك أم شابة تعيش مع زوجها وطفلتها الصغيرة كانت عائلة فقيرة الأم تساعد زوجها لكسب قوتهما من صناعة السلال من القش وفي أحد الأيام حضر رجل من الرجال الأغنياء والمسيطرين على المنطقة والكل يخاف منه حضر عندهم ليشتري منهم كمية كبيرة من السلال وأعطاهم موعدا كي يستلم البضاعة مقابل مبلغا كبيرا من المال فرحت الأم وكذلك زوجها وسعوا بكل جهدهم لجمع القش بالنهار ليصنعوا بالليل السلال المطلوبة وصادف أن يمرض الأب كانت الأم تخرج صباح كل يوم وتعود مساءا لتعمل المستحيل كي تقدم ماتقدر عليه من طعام بسيط لزوجها المريض وطفلتها التي تبلغ الثانية من عمرها شعر الزوج أنه يرهقها فطلب منها أن تبعث للرجل وتعتذر لأنهم لن يقدروا على صناعة الكمية بالوقت المحدد
ذهبت الزوجة الشابة للرجل وطلبت مقابلته أدخلها الحارس بعد أن أخبر صاحب المنزل الكبيرالشاهق البنيان دخلت تنظر وهي مبهورة مما تراه عينيها من بناء ضخم وأثاث ورأته يجلس وكأنه طاووس على مقعد وثير قال لها ماذا تريدين ياامرأة قالت السلام عليكم سيدي قال قولي ماذا تريدين ولم يرد السلام قالت له جئت لأخبرك بأن السلال التي طلبتها لن تكون جاهزة في الوقت الذي اتفقنا عليه سيدي لأن زوجي مريض وأنا لا أقوى على عملهم فالكمية كبيرة. نظر إليها وقال لها وما المطلوب مني قالت أن تؤجل الموعد إلى أن يشفى زوجي نكون شاكرين لك هذا قال وإن رفضت نظرت إليه وفي عينيها حيرة وحزن لأنها تعرف أنه جبار وظالم وقالت أطلب منك الرحمة والرفق قال وما هو المقابل لهذا قالت أنك ستعمل مايرضي الله وضميرك وتساعدنا قال سأحضر غدا عندكم كي أتناول طعام العشاء أخبري زوجك وسنناقش الموضوع
خرجت وهي محتارة سيتناول العشاء عندها هذا الرجل وماذا سيكون العشاء نحن نأكل القليل من الجبنة القديمة والخبر اليابس ماذا أعمل يا إلهي هل أخبر زوجي أم أتصرف ولكن كيف أتصرف 
فكرت هذه المسكينة فلم تملك شيئا تبيعه وقالت لم أتعود أن أخفي شيئاً عن زوجي فمن الأفضل أن يعرف كانت تفكر وهي في طريقها للعودة للمنزل وصلت ورأت زوجها بانتظارها على أحر من الجمر سألها خيرا ماذا فعلت قالت خيرا إن شاء الله الرجل سيحضر غداً عندنا ليتناول العشاء ويناقشك بالموضوع
نظر إليها زوجها باستغراب وقال يحضر عندنا ويتناول العشاء هل أصابتك حمى ياحبيبتي قالت لا ولكن هذا ماقاله لي أجابها وماذا سيأكل وأين سيجلس قالت لا أدري انا محتارة مثلك قال لها ليس لدينا شيء أن نبيعه وليس هناك من نستطيع أن نقترض منه أي مبلغ وأثناء حديثهم وحيرتهم طرق الباب قامت وفتحت الباب فإذا بها ترى رجلان يحملان أنواع الأكل والفاكهة والمشروبات استغربت وقالت لمن قال أحدهم الأمير سيحضر غدا عليك أن تقومي بتحضير الطعام قالت وهي من شدة التعجب متلعثمة حاضر كان الخوف وصل لدرجة مخيفة عندها لأنها تخاف من زوجها وتخاف على مشاعره
سألها زوجها ماهذا قالت من الرجل كي نعمل له العشاء لأنه يعرف بأننا لا نقدر على عمل أي شيئ يليق به
قامت الزوجة ولم تنم فأحضرت الطعام وقبل الموعد طرق الباب ففتحت فإذا هي وجها لوجه مع الرجل وخلفه حراسه دخل دون استئذان وكان معه كرسي يحمله أحد الحراس فتح الحارس الكرسي له وقال له تفضل
جلس وقال بصوت متعالي متكبر هل حضرت الطعام قالت نعم سيدي قال أحضريه واجلسي كل هذا والزوج صامت من شدة الخوف وبعد أن تناول الطعام قال لها اسكبي الماء على يدي نظر الزوج اليه بغضب وقال سيدي أنا أسكب الماء رغم أنني مريض أقدر على ذلك بدلا عنها قال له أنا قلت هي التي ستسكب الماء سكبت الماء على يديه وهي ترتعش وحملت الإبريق بعيداً وعادت لتساعد زوجها على الجلوس سحبها هذا الرجل إليه دفعته وقالت لا أحتاج مساعدة أنا أساعد زوجي لأنها اعتقدت أنه يريد أن يساعدها فإذا به يسحبها بقوة إليه وقال أنا أريدك أنت ومستعد أن أتنازل عن المبلغ الذي اتفقنا عليه دون أن آخذ ولا سلة شعرت بغضب شديد ولكنها كانت من النوع  الهادئ قالت له سيدي الفاضل بإمكان حضرتك أن ترتاح وتطلب من الحراس أن يخرجوا لأنهم هنا منظرهم غير مريح قال معك حق وطلب من الجميع أن يعودوا فبقي لوحده دون حراسة حاول أن يقترب منها رفضت وقالت له زوجي مازال صاحي وابنتي أجابها زوجك لا يأخذ مني غير ضربة عصا على رأسه وابنتك من الأفضل أن تنام قالت وكيف تنام ولم يحن موعد نومها قال نعطيها حبة منوم ستنام بسرعة قالت هي طفلة قال هل تريدين أن أنيمها للأبد قالت لا أرجوك فكرت قليلا وقالت له انتظر هنا سأبعدهم في غرفة مهجورة وأتفرغ لك أجابها وهو سعيد وأنا بانتظارك ساعدت زوجها ونقلته لغرفة بعيدة قرب الباب وعادت لتأخذ ابنتها قالت له أنا لا أملك حبوب منومة لابنتي ما العمل قال لها عندي وأعطاها واحدة قالت لا تكفي أعطني واحدة ثانية لزوجي أعطاها فذهبت وبعد فترة عادت وفي يدها كوب من اللبن الرائب قالت له تفضل واشرب اللبن سيزيدك انتعاشاً لأني لا أملك غير اللبن فرح وأخذ منها كوب اللبن وشربه وهو سعيد وبعد قليل نام وقلبته يمينا ويسارا تأكدت من أنه نائم أسرعت لزوجها وطفلتها ولم تأخذ من المنزل سوى صرة معها فيها قليل من الملابس وخرجت لتركب عربة زوجها التي كان يبيع عليها السلال واتجهوا لمدينة ثانية بعيدة وتخلت عن منزلهم وكل مايحتويه رغم أن كل شيء فيه قديم إلا أنه ملكهم تنازلت وهي سعيدة لأنها كسبت حريتها وزوجها وابنتها وبإمكانهما أن يبدءا من جديد طالما الحب والإخلاص والوفاء يسود هذه الأسرة الصغيرة
الحرية ليست سهلة وممكن كل إنسان يضحي ليحصل على حريته فهذا هو ثمن الحرية أن نضحي لنحصل عليها
دكتورة انعام احمد رشيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق