الأحد، 12 فبراير 2023

قصة قصيرة بعنوان ثمن الحرية...للمبدعة انعام احمد رشيد

قصة قصيرة بعنوان ثمن الحرية
بقلم الدكتورة انعام احمد رشيد
في إحدى القرى الصغيرة كانت هناك أم شابة تعيش مع زوجها وطفلتها الصغيرة كانت عائلة فقيرة الأم تساعد زوجها لكسب قوتهما من صناعة السلال من القش وفي أحد الأيام حضر رجل من الرجال المسيطرين على المنطقة والكل يخاف منه حضر ليشتري منهم كمية كبيرة من السلال مقابل مبلغ كبير من المال فرحت الأم وكذلك زوجها وسعوا بكل جهدهم لجمع القش بالنهار ليصنعوا بالليل السلال وصادف أن تمرض الأب كانت الأم تخرج صباحاً وتعود مساءا لتعمل ماتقدر عليه من طعام بسيط لزوجها المريض وطفلتها الصغيرة شعر الزوج أنه يرهقها فطلب منها أن تبعث للرجل وتعتذر لأنهم لن يقدروا على صناعة الكمية بالوقت المحدد
ذهبت الزوجة الشابة للرجل وطلبت مقابلته أدخلها الحارس بعد أن أخبر صاحب المنزل الشاهق البنيان دخلت تنظر وهي مبهورة مما تراه عينيها من بناء ضخم ورأته يجلس على مقعد وزير قال لها ماذا تريدين ياامرأة قالت السلام عليكم سيدي قال قولي ماذا تريدين قالت له جئت لأخبرك بأن السلال التي طلبتها لن تكون جاهزة في الموعد المحدد سيدي لأن زوجي مريض وأنا لا أقوى على عملهم فالكمية كبيرة. نظر إليها وقال لها وما المطلوب مني قالت أن تؤجل الموعد إلى أن يشفى زوجي نكون شاكرين لك هذا قال وإن رفضت نظرت إليه وفي عينيها حيرة لأنها تعرف أنه جبار وقالت أطلب منك الرحمة والرفق قال وما هو المقابل لهذا قالت أنك ستعمل مايرضي الله وتساعدنا قال سأحضر غدا عندكم كي أتناول طعام العشاء اخبري زوجك وسنناقش الموضوع
خرجت وهي محتارة سيتناول العشاء عندنا هذا الرجل وماذا سيكون العشاء نحن ناكل قليل من الجبنة القديمة والخبر اليابس ماذا اعمل ياالهي كيف اتصرف
فكرت هذه المسكينة فلم تملك شيئا تبيعه كانت تفكر وهي في طريقها للعودة للمنزل وصلت ورأت زوجها بأنتظارها سألها خير ماذا عملتي قالت خير إن شاء الله الرجل سيحضر غداً عندنا ليتناول العشاء ويناقشك بالموضوع
نظر إليها زوجها باستغراب وقال يحضر ويتناول العشاء هل أصابتك حمى قالت لا ولكن هذا ماقاله لي أجابها وماذا سيأكل وأين سيجلس قالت لا أدري أنا محتارة مثلك قال لها ليس لدينا شيء  نبيعه وليس هناك من نستطيع أن نقترض منه وأثناء حديثهم وحيرتهم طُرق الباب فتحت الباب فإذا بها ترى رجلان يحملان أنواع الأكل والفاكهة والمشروبات استغربت وقالت لمن كل هذا ؟ قال أحدهم غدا البيك سيحضر وعليك أن تقومي بإحضار الطعام قالت وهي من شدة التعجب متلعثمة حاضر كان الخوف وصل لدرجة مخيفة عندها لأنها تخاف من زوجها وتخاف على مشاعره
سألها زوجها ماهذا قالت من الرجل كي نعمل له العشاء لأنه يعرف بأننا لانقدر على عمل أي شيء يليق به
قامت الزوجة ولم تنم فأحضرت الطعام وقبل الموعد طرق الباب ففتحت فإذا هي وجها لوجه مع الرجل وخلفه حراسه دخل دون استئذان وكان معه كرسي يحمله أحد الحراس فتح الحارس الكرسي له وقال له تفضل ياسيدي
جلس وقال بصوت متعالي متكبر هل حضرت الطعام قالت نعم ياسيدي قال أحضريه واجلسي كل هذا والزوج صامت من شدة الخوف وبعد أن تناول الطعام قال لها اسكبي الماء على يدي نظر الزوج إليه بغضب وقال عفوا يا سيدي أنا أسكب الماء رغم أنني مريض أقدر على ذلك بدلا عنها قال له أنا قلت هي التي ستسكب الماء سكبت الماء على يديه وهي ترتعش وحملت الإبريق بعيداً وعادت لتساعد زوجها على الجلوس سحبها هذا الرجل إليه دفعته وقالت لا أحتاج مساعدة أنا أساعد زوجي لأنها اعتقدت أنه يريد أن يساعدها فإذا به يسحبها بقوة إليه وقال أنا أريدك أنت ومستعد لأن أتنازل عن المبلغ الذي اتفقنا عليه دون أن أخذ ولا سلة شعرت بغضب شديد ولكنها كانت من النوع الهادئ قالت له سيدي الفاضل بإمكان حضرتك ترتاح وتطلب من الحراس أن يخرجو لأن منظرهم غير مريح قال معك حق وطلب من الجميع أن يعودوا فبقي لوحده دون حراسة حاول أن يقترب منها رفضت وقالت له زوجي مازال صاحي وابنتي أجابها زوجك لا يأخذ مني غير ضربة عصا على رأسه وابنتك من الأفضل أن تنام قالت وكيف تنام ولم ياتي موعد نومها قال نعطيها حبة منوم ستنام بسرعة قالت هي طفلة قال هل تريدين أن انيمها للأبد قالت لا أرجوك فكرت قليلا وقالت له انتظر هنا سأبعدهم في غرفة مهجورة وأتفرغ لك، أجابها وهو سعيد وأنا بانتظارك ساعدت زوجها ونقلته لغرفة بعيدة قرب الباب وعادت لتأخذ ابنتها قالت له أنا لا أملك حبوب منومة لابنتي ماالعمل قال لها عندي وأعطاها حبة واحدة قالت لا تكفي أعطني واحدة ثانية لزوجي أعطاها فذهبت وبعد فترة عادت وفي يدها كوب من اللبن الرائب قالت له تفضل واشرب اللبن سيزيدك انتعاشاً لأني لا أملك غير اللبن فرح واخذ منها كوب اللبن وشربه وهو سعيد وبعد قليل نام وقلبته يمينا ويسارا تاكدت انه نائم أسرعت لزوجها وطفلتها ولم تأخذ من المنزل سوى صرة معها فيها قليل من الملابس وخرجت لتركب عربة زوجها التي كان يبيع عليها السلال واتجهوا لمدينة ثانية بعيدة وتخلت عن منزلهم وكل مايحتويه من ذكريات رغم أن كل شيء فيه قديم إلا أنه ملكهم تنازلت وهي سعيدة لأنها كسبت حريتها وزوجها وابنتها وبإمكانهما أن يبدءان من جديد طالما الحب والإخلاص والوفاء يسود هذه الأسرة الصغيرة
الحرية ليست سهلة وممكن كل إنسان يضحي ليحصل على حريته فهذا هو ثمن الحرية أن نضحي لنحصل عليها
دكتورة انعام احمد رشيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق