بكاء قلم
حين تتملكني رغبة شديدة بالبكاء.
أمسك بريشة قلمي و أنثر على صفحات كراستي ما يجول بخاطري من بنات أفكار تسابقني بتخبط و تصارع لسكب العبارات بين سطوري الفارغة.
فأبدأ بترجمة و تحويل مشاعري الدفينة إلى حروف و كلمات ناطقة تكاد من شدة الإحساس تصرخ.
تتملكني رغبة بالبكاء و أنا أجوب في صحراء الأرض برغم التمدن و التحضر و صخب الحياة.
أبكي و انا أشاهد جذور الأوراق شامخة لكنها توشحت بكفنها الأبيض، و كم أخشى أن تلطخها أقلام فاسدة و جراثيم متناثرة.
رداء نقي بلون الثلج أخاف أن تشوهه عقول مريضة. و أياد حاقدة.
أبكي لأننا أصبحنا غرباء برغم أننا أشقاء.
و لأننا في زمن الزيف و الأقنعة نضحك و بداخلنا ألم و شقاء.
أمشي و أطالع الشوارع الباهتة ألوانها برغم كثرة الأضواء، تطور و تقدم يملأه برود الأرواح، مدائن أشبه بعالم الأشباح.
أبكي لأن قلبي مليء بالصفاء والنقاء، لكني محاطة بنماذج بشرية أقرب لألواح من جليد تكاد لا تنصهر من شدة صلابتها حتى و إن أمطرت عليها نار من السماء.
أبكي زمانا يعاني من قلة الإنسان.
و كثرة النسيان.
و قهر و مذلة و نكران.
أبكي و أكتم صوتي بداخلي لأدعه يصدح على أوراقي المهترئة من دمعي المنهمر لعله يخمد لهيب صدري المتقد.
أبكي و أسأل نفسي إلى متى سأبقى في مرحلة انتظار.
هل فاتني ذاك القطار؟؟ أم أنني أخطأت في اختيار المحطة؟
إلى متى سأظل أبكي يا قلم؟؟
تكاد تصرخ بين أناملي من الألم.
سأكتب و ستكتب معي،
من سواك بإمكانه البوح بما بنتابني من أحاسيس.
من سواك يدرك ما أحمل في صدري من ضجيج.
سأبكي و أفرغ محبرتي معك.
أنت رفيق سطوري و توءم صفحاتي التي ستصبح بالحب و الأمل ممتلئة.
و الشاهد الوحيد على مصداقيتي.
لولاك يا قلمي لبقيت طويلا خلف أسوار الخجل مختبئة.
إنصاف قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق