الرجل المطر (٢٦)
بعد مرور أسبوع على سفر غيث، بدأ القلق يسيطر على تفكيري من جديد.
برغم أننا كنا على تواصل مستمر يوميا عن طريق الاتصالات والرسائل، إلا أن ثمة شعور غريب كان يشوش على سعادتي بعد ارتباطنا رسميا.
لم تكتمل هذه السعادة طويلا بسبب سفره الاضطراري.
حاولت أن أطرد هذه الأفكار السلبية من رأسي عن طريق الانشغال بمهامي التي لا تنتهي في العمل، وعدت لمزاولة الرياضة في النادي بشكل مكثف لأن الطقس البارد كان يحول بيني وبين القدرة على المشي في الحديقة قرب المنزل.
في مساء يوم الخميس كنت قد تواعدت أنا وصديقتي ريم للذهاب معا لمشاهدة فيلم كنا ننتظر أن يبدأ عرضه في صالات السينما.
وصلنا قبل موعد العرض بحوالي النصف ساعة كي نستطيع شراء البوشار والمشروبات الباردة، ولكي نضمن الحصول على مقاعد مناسبة بسبب الازدحام داخل الصالة.
كنت منسجمة لدرجة كبيرة مع أحداث الفيلم لأن قصته رومنسية، وكم تمنيت أن يكون غيث أيضا بصحبتي، عرفت حينها كم أفتقد وجوده معي، اشتقت لمفاجآته التي لا تنتهي ولاهتمامه بكل تفاصيل حياتي.
شعرت بأن طيفه يرافقني في تلك اللحظات وكأني أبحث عنه بين وجوه الناس برغم العتمة التي كانت تملأ قاعة العرض.
هو يعلم بأني سأكون هنا الآن، حتى أني طلبت منه الذهاب لمشاهدة هذا الفيلم في اسطنبول كي نشعر بأننا نتشارك نفس الأشياء معا.
كانت مدة عرض الفيلم حوالي الساعتين، وقبل أن ينتهي بحوالي الخمسة دقائق وصلتني رسالة من غيث يقول فيها:
اشتقت لك يا شمسي، الفيلم رائع جدا لكن لا شيء أروع من وجودك في حياتي.
حبيبك الرجل المطر.
ومع انتهاء آخر مشهد، أضيئت الصالة من جديد وبدأ الجميع بالمغادرة.
خرجت أنا وصديقتي ريم ونحن نتبادل الأحاديث عن روعة القصة والإخراج والممثلين، وإذ بمفاجأة تنتظرني في الخارج.
كان غيث واقفا أمام بوابة السينما حاملا بيده أجمل باقة ورد جوري أحمر، فركضت نحوه وعانقته وأنا أكاد لا أصدق أنه هنا.
فقلت له :
حبيبي حمدا لله على عودتك بالسلامة.
ألم تخبرني بأنك ستعود بعد بضعة أيام؟
كيف قلت لي في رسالتك أن الفيلم أعجبك؟
هل أنت بخير؟
وعندها قاطعني قائلا:
على رسلك يا شمسي، أنا بخير حبيبتي فلا داعي للقلق.
أما عن الفيلم كانت رسالتي مجرد دعابة لأني لم أود أن أحرق لك المفاجأة بوجودي هنا.
على كل حال دعينا نذهب إلى مكان هادئ وسأخبرك بكل التفاصيل.
ودعت صديقتي ريم، وذهبت مع غيث إلى مقهى قريب.
ومع أول رشفة من فنجان القهوة قال:
شمس، لقد اكتشفت بأن الحادث الذي تعرضت له كان مدبرا، ولم يكن مجرد قضاء وقدر، حياتي مهددة وأنا في خطر.
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق