السبت، 5 مايو 2018

ذاكرة منطفئة .. للشاعر المبدع حسين أبو الهيجاء

_ ذاكرةٌ مُنطفئة  ! _________ حسين ابو الهيجاء
                           * من سلسلة " سيدة النور "
      
                       … . و الذاكرةُ مُنطفئةٌ تماماً  !!

     في منطقةٍ  ما من عتمةِ الذاكرةِ ..،  كان ينبثقُ فيضُ نورٍ ، و يطغى على العتمةِ المُزمنة ِ،  في تلافيف العمرِ المهدورِ كزَبَدِ البحر…  !

                   … ....   ليلةٌ كانونيةٌ باردة ..
    كنتُ أجلسُ إلى جِوار النافذةِ ،  التي كانت تُحاربُ على جبهتَينِ مُتعاكستين .. ،  و تُواجهُ عدوين متناقضين تماماً .. ،  فكانت تتصدى لرشقات حبّات البَرَدِ  المسعورةِ ، من الخارج ،، و لِسُعارِ جمَراتِ المَوقدِ من الداخل ..، فيكتسي زُجاجها بضبابٍ رماديٍّ ٍّ     يُشبهُ شالَ جَدّتي الخريفيّ ..، يشبه الدُخانَ الكثيف ، الذي يسكُن ُقصباتي الهوائية .. !

      و الذاكرةُ مُنطفئةٌ ، إلاّ من نقطةِ ضوءٍ غامرٍ  !!

      و كنتُ اُلصِقُ وجهي إلى حرارةِ زُجاج النافذة.   ..  إلى برودتِه ..  إلى اشتعالِهِ .. إلى دغدغةِ  ضبابهِ
           ..  و أفرُكُ أنفي بانزلاقه السَلِس .. !

   كنتُ أُخربشُ بعثرات العمرِ المُتعثّرِ ، على الضباب ،
                      بأناملي المُتيبّسة
   …  و العُمرُ كان ضباباً ، .. كان منتشراً .. مسافراً بلا بوصلةٍ و لا هدف ،، و معلقاً على الهواء .. !

    كانتْ طفولتي لاجئة  .. ، و هي لم تكن بعد ..
و  فُتوّتي كانتْ طائشة  .. ،  و هي لم تكن  ..
و لم تكن الذاكرةُ تعترفُ  ، إلاّ بالتوثيق الصِبياني .. ،،           لم تكن اكتشفَتْ الوجدانيات بعد .. !

    كان شبابي مُغامِراً .. مُقامِراً ..  عبَثِياً ..
    و هي لم تكن بعد  ..  لم تكن بعد   !

كنتُ هناك  .. على شاطيء البحر
عبَثاً أعُدُّ الموجات على الشاطيء  .. !
  و كنتُ في الثلاثين ..،  عندما قابلتُ الشفتين للمرة الأولى ..
  و للمرة الأولى .. ، كنتُ أكتشفُ تتابع الموجات .. !

    كل الخِدَع البصرية ، التي حاولتُها ، لم تنجح في فصلِ تتابُع الموجات الهادرة ..
     لم تُفلِح في إسقاط شفَقَين خلفَ الاُفُق .. !
لم تُقنعني ، بان ما أرى من شفتين ، ما هما إلاّ جمرتان تتوهّجان  في الإحتضان .. !
   و كنتُ أكتشفُ الوجدانيات  للمرةِ الاولى ،
و للمرة الأولى .. عرفتُ أن الحب يأتي فجأةً  ..،
     يأتي مرة واحدة ، و دفعة واحدة ،
        و يزرعُ نبضَهُ دون استئذان  .. !

و كنتُ اُخربِشُ بعثرات العمرِ على الضَباب  .. !

     و الذاكرةُ مُعتمةٌ ، إلاّ من نقطةِ ضوءٍ ، و ثّقَتها الذاكرةُ في الثلاثين  .. !
                                  .. كانت هي

و هي كانت المطر على جفافي
و هي برد كانون
و هي اشتعالُ الموقدِ ، و توهّجُ جمَراتِه
و هي  زجاج نافذتي و ضبابه الناعم

و أنا أُلصِقُ وجهي بالزجاج ، .. أتنفسُ ضبابَهُ .. !

           و  الضوءُ ينبثقُ  من نقطةٍ ما ، 
             في مكانٍ ما ..   
                            من انطقاء الذاكرة  .. !!
                    ///
___________________ حسين ابوالهيجاء __

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق