.....إشراق الصحوة
خرج شاب زمن الحجر يفصل الأزقة ويخيط الحارات ..تارة يتوه في الفراغ وطورا يحط الرحال حيث هو ليسأل عن الرجال والنساء والأشياء ..!? ردد صوته الصدى ..وزاد إبهام السؤال !? ..ارتعدت فرائصه وجف حلقه وانتابه العطاس..
ارتفعت حرارته فغاب عن الواقع ليستحضر قصة أهل الكهف وأسطورة سيزيف ..ومعاناة الشعوب ..وأغاني الحياة...
استفاق من غفوته على صوت صاحب الفرن :
-أفق يا بني واشرب بعض الماء ..
غدا ستشفى وتزهر حدائق مدينتنا وترقص الحمائم البيض في سمائنا ..
رفع طرفه المشلول وعب ما تيسر ومن المحلول
وسأل الشيخ
- أين ذهبت رائحة الخبز ...!?
أطرق الشيخ برهة وأجابه بصوت الخبير:
-لن تفوح رائحة الخبز والكعك من أفراننا إلا حين تلفحها حرارة الفرن ...!
-وهل الفرن مغلق ...!?
-آه ..آه ..فرني فقد المعادن ...معادن الناس التي لفحتها قسوة الحياة ..وزادت الأيام من متانة جذوعها...
قاطعه الشاب سائلا :
-إذا ..متى ..?
متى تعود رائحة الكعك إلى فرننا ..والأسماك إلى شواطئنا ..
والطيور إلى سمائنا ..وضحكات الصبية في باحاتنا...
متى ? متى?...
-يكون ذلك عندما لا يحرق قمحنا وشعيرنا ،وتطرد الأرواح الشريرة من أرضنا ،ويصدق العزم وتطيب النفوس ويقل الكلام ويزيد العمل ...
في الحين انتفض الشاب واقفا متناسيا الآلام والمحن
طهر يديه بالمعقم ولبس كمامته البيضاء ...نظر إلى الشيخ نظرة احترام وتقدير وألقى إليه قبلة في الهواء عملا بقواعد الحجر ...ثم تناول طبشورة حمراء سقطت من محفظة طفل
أعياه الحجز وكتب على الجدار
لا تبك يا ليوث البراري
فتحت الصخور عشب كثير
لا تيأسوا من رحمة البارئ
فشقائق النعمان خير دليل ..
ثم ركب صهوة الإشراق وغاب عن الأنظار ..
كتبه علي الفوراتي
في 28 مارس 2020
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق