الرجل المطر (١٧)
استيقظت صباح اليوم وأنا بكامل نشاطي بعد أن أخذت جرعة كافية جدا من نوم عميق كنت بحاجة ماسة له.
ذهبت إلى عملي وبداخلي شعور بطمأنينة كبيرة خصوصا بعد ما قاله لي مطري في رسالته ليلة أمس بأنه دائما معي حتى وإن كان بعيدا عني.
وفعلا كانت الحيوية واضحة على وجهي لأن ابتسامتي لم تفارق ثغري، شعرت بأني استعدت طاقتي الإيجابية أخيرا.
أنجزت الكثير من المهام واستطعت الرد على معظم رسائل العملاء عبر البريد الإلكتروني وانتهيت من إعداد ملف لصفقة كبيرة لأحد الشركات المهمة التي نتعامل معها كان قد كلفني به مديري في العمل.
بعد أن اطلع على تفاصيله أثنى على جهودي وشكرني لأني تمكنت من إنجاز وتحضير الملف في مدة وجيزة.
طلب مني السفر إلى فرع شركتنا الواقع في مدينة أخرى لإنهاء المعاملة بالكامل وتوقيع العقود بتفويض منه، وأخبرني بأني أستحق ترقية في منصبي الإداري لأصبح المساعد الأول له كمدير للشركة.
غمرتني سعادة لا توصف بعد أن تلقيت الخبر منه، وفي طريق عودتي إلى منزلي شعرت بفخر لما حققته من نجاح.
فور وصولي للبيت بدأت بتجهيز حقيبة سفري والحماس يملؤني، سأسافر غدا صباحا ولا وقت لدي لأضيعه، فرع الشركة يقع في مدينة جبلية ساحرة، وأجواء الخريف هناك حتما ستكون مذهلة.
لكن سرعان ما أدركت بأني سأغيب لمدة أسبوع، وماذا عن مطري؟؟ كيف سأطيق الابتعاد عنه كل هذه المدة؟؟
ماذا لو أتى وأنا لست هنا؟
يا إلهي ما العمل الآن؟
تشتتت أفكاري مجددا ودخلت في دوامة كيف ومتى ولماذا.
لا يمكنني التراجع الآن عن السفر، وهذه فرصة لن تعوض، أصبحت أهذي وأنا أنهي تجهيز حقيبتي وضجيج العاصفة في الخارج كان يدوي كصوت الرصاص ما بين برق ورعد وأوراق الشجر تتطاير بشكل جنوني.
وفجأة سمعت صوت إنذار سيارة في الخارج، فظننت أنه صادر من سيارتي بسبب الهواء الشديد، خرجت لأتأكد بأن كل شيء على ما يرام، وكانت بانتظاري المفاجأة، مطري كان هنا وهو من تعمد تفعيل جهاز الإنذار من سيارتي بعد محاولته فتح الباب ليلفت انتباهي، حضر ليترك لي سرا جديدا ويختفي عن نظري الذي لا يكاد أن يكتفي منه وليسرق قلبي وأنفاسي معه.
وهذه المرة جاء ليترك لي دليلا سياحيا عن كل الأماكن الشهيرة في المدينة التي سأسافر إليها كي أستمتع بزيارتها في وقت فراغي خلال رحلة العمل.
وبداخل الدليل كانت رسالته التي باتت جزءا أساسيا من يومياتي تقول:
حبيبتي، لا تتساءلي كيف أعرف تفاصيل حياتك، أعدك بأني سأخبرك كل شيء عندما يحين الوقت المناسب .
أتمنى لك رحلة موفقة يا أميرة قلبي.
لا تفوتي فرصة الاستجمام ولا تجهدي نفسك.
سأكون بانتظار عودتك بفارغ الصبر.
حبيبك الرجل المطر
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق