الثلاثاء، 2 أغسطس 2022

الرجل المطر... للمبدعة إنصاف قرقناوي

الرجل المطر (٣٣)

شعرت بإحراج شديد عندما التقيت بزوج والدتي الذي فاجئني بقدومه معها دون أي سابق إنذار. 
لكني اضطررت أن أتصرف بشكل طبيعي أمامه كي لا ألفِتَ انتباهه للمخاوف التي تعتريني بسببه.

وصلنا إلى منزلي وسط مشاعر متضاربة ما بين القلق والتوتر.
لكن خالد رجل محنك وبارع في اللف والدوران بأسلوب يجعل من أمامه يصدق أنه أنبل إنسان على وجه الأرض. 
إلا أني كنت دائماً أشعر بأن هناك ثمة شيء غامض نحوه.
فتجرأت وسألته بلهجة فيها البعض من السخرية وقلت:
لم أتوقع قدومك مع أمي يا خالد، ظننت بأنك مشغول بأعمالك التي لا تنتهي.
فما الذي دفعك للقدوم؟ أ لهذه الدرجة لا تستطيع مفارقة أمي؟

فأجاب ونبرة الانزعاج واضحة في صوته:
يبدو أن وجودي هنا قد أزعجك يا شمس، لكن لا تقلقي أنا لست هنا لأني لا أستطيع مفارقة والدتك، لكن لدي بعض المهام التي لا بد أن أنهيها في هذا التوقيت بالذات، وشاءت الظروف أن تكون في موعد قدوم والدتك فقررنا أن نحضر معا.
ولا داعي لأن تشعري بالحرج من وجودي لأني سأذهب للإقامة في الفندق خلال هذه الفترة ولك كل الحرية في قضاء وقتك مع أمك.

هنا تدخلت والدتي لتخفيف حدة التوتر الذي كان بدأ يزداد بيننا فقالت:
عزيزي خالد ما رأيك بفنجان من القهوة اللذيذة التي تعدها ابنتي شمس؟ 
فقال وهو يهم بالنهوض:
ربما في وقت لاحق، علي أن أذهب الآن لقضاء بضعة مشاوير مهمة تم تأجيلها كثيراً.
سنلتقي مساءً على العشاء في المطعم الذي تحبينه، أتمنى أن لا تتأخرا عن الموعد عزيزتي هند.
إلى اللقاء الآن. 

غادر خالد وكأنه أخذ معه شراً، التَفَتُّ نحو والدتي والقلق واضح على ملامحي، فأمسكت بيديها وقلت :
أمي أرجوك أخبريني بكل صراحة، أ تعلمين ما الذي ينوي فعله خالد؟؟
هل لديك أي معلومات يمكن أن أنقذ بها حياة غيث وعائلته؟
لا بد وأنهم ينتظرون بفارغ الصبر مني أن أطمئنهم بأي خبر.

أمي!!
ما بك صامتة هكذا؟؟ تكلمي، قولي أي شيء قبل أن يتهور خالد المجنون ويقوم بفعل أحمق. 

شمس يا ابنتي الحبيبة والجميلة، اسمعيني جيدآ، قد لا يسُرُّكِ ما سأقوله لك الآن، لكن خالد لا ينوي الإساءة لعائلة آل مطر وحسب، لكنه قد هدد بأن يؤذيني أنا أيضا إذا حاولت أن أساعدك بإنقاذ غيث ووالده.
جعلني أوقع له تنازلا كاملا عن أملاكي تحت تهديد سلاحه نظير أن أشتري حياتي وحياتك يا ابنتي. 
فلا شيء يمكننا فعله الآن سوى أن نصلي لرب العالمين بأن ينقذ غيث وعائلته بمعجزة ما.

شعرت في تلك اللحظة بأني قد فقدت كامل حواسي من وَهْلِ الصاعقة التي دوت في أرجاء الغرفة وكأنها قنبلة انفجرت أمامي فأفقدتني صوابي.

صرخت في وجه أمي" لاااا "
هذا مستحيل، كان خالد يعرف كل شيء منذ البداية إذاً؟؟!!
كان على علم بهوية غيث ووالده!!!
لكن كيف؟
أكاد لا أصدق هذا يا أمي. 
انهرت باكية وكأن الدنيا بوسعها أصبحت أصغر من ثقب الإبرة في نظري.
 احتضنتني أمي ورَبَّتَت على كتفي وقالت:
لكن هناك شرط واحد قد ينقذ حياتهم ويعيد لي ما خسرته في حال وافقت عليه.
فقلت مسرعة:
وما هو هذا الشرط يا أمي قولي، أنا مستعدة لعمل كل ما بوسعي كي لا أخسر غيث أو أن يصاب أي أحد منهم بمكروه.

فقالت بصوت متحشرج:
خالد مستعد لإنهاء هذا الثأر في حالة واحدة فقط، وهي أن تفسخي خطبتك من غيث وتتزوجي بابنه أحمد وحينها سيقوم هو بتصفية حساباته مع السيد عمر بدون سفك أي دماء. وأحمد سيأتي الليلة أيضآ على موعد العشاء الذي قد رتبه خالد.
والقرار قرارك يا ابنتي. 

لم يترك لي خالد المجرم أي مجال للفرار من مصيدة إجرامه، فقد استطاع أن يطوقني من جميع الاتجاهات، وكلها تؤدي إلى نهايتي حتى وإن بقيت على قيد الحياة. 
هو يساوم على ترك غيث وعائلته مقابل موافقتي على الارتباط بابنه وفي حال رفضت عرضه فسوف ينفذ تهديده بالانتقام. 
وفي كلتا الحالتين هو فعليا يقوم بقتلي. 

إنصاف غسان قرقناوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق