السبت، 23 فبراير 2019

إفك ...للمبدع يسري ربيع داود

إفك

السيرة بطريقة أخرى

كتب.. يسري ربيع داود
...........
      في غرفتها ببيت أبيها تكورت على فراشها، بجانبها خادمتُها تواسيها بسيلٍ منهمرٍ من الدموع لا ينقطع... تتقطع أحشاؤها  من هول ما رأت من أهل قريتها ، كلام الناس نار تحرق الأخضر واليابس، أتى كلامهم عليها كسكين حادٍ يقطعها عضوًا عضوًا ، تبكي الفتاة بحرقة.. حتى ظنّ والداها أن البكاء فالق كبدها نصفين.
دخل عليها زوجها، فرآها على فراشها لا تكاد تحرك عضوًا من أعضائها، يجلس غير مصدق ما يقوله أهل القرية في زوجته، يعز عليه أن يفارقها شهرًا كاملًا ، وهو الذي كان لا يطيق فراقها لدقائق؛ فقد كانت أحب الناس إلى قلبه، والتفت إليها وقال لها : إن كنتِ ألمَمْتِ بشيء فاستغفري الله!
عندما سمعت منه ذلك بردت، وجف دمعها، أصيبت بالخيبة، لم تكن تصدق أنه يفكر مجرد تفكير في خيانتها، تجمدت الدموع في عينيها وقد كانت طيلة شهر سيلًا لا ينقطع.
التفتت  إلى أبيها، وإلى أمها، تطلب منهما الرد على زوجها... لكن لا مجيب.
أطبق على المكان صمت رهيب، الكل ينتظر منها أن تصرخ فينفلق كبدها، أو تُصْرع فتغيب ولو قليلا عن هذا العالم الذي قد تكالب عليها، لكنها كانت على العكس تماما، كانت رابطة الجأش وفي داخلها قلب يغلي كغلي المرجل، فجأة.. هتك صوتها حرم المكان، كان لصوتها رغم تقطعه مهابة ،   كان متهدجًا، باكيًا ، قالت : والله لو قلت لكم أني بريئة _ والله يعلم أني بريئة _ ما صدقتموني، ولو قلت لكم أني فعلت ذلك، ووقعت في الخطيئة _ والله يعلم أني لم أفعل _ لصدقتموني، ولكنني سأقول كما قال أبو يوسف : فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون.
لفّ  المكان صمت رهيب مرة أخرى إلا من حنين يصدر من الفتاة ، كل النظرات مصوبة عليها وهي متكومة على الفراش، تبدو أصغر حجما، وعيونها متهرئة من كثرة البكاء، تلففت في لحافها وعادت تبكي بقلبها وعيونها، والكل يبكي على بكائها....

جاء الخبر إلى الزوج بأنها بريئة، انفرجت أسارير الجميع، طلبت الأم من ابنتها أن تفرح بالبراءة، وطلبت منها أن تشكر زوجها.
رقص قلب الفتاة فرحًا، وبكل ثبات قالت : لا أحمد أحدا، ولكني أحمدُ الله.
.......
مشهد من حادثة الافك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق