سلام الله عليكم.
إنّه لمن نافلة القول أنّ نكرر ونعيد الكثير من الكلام عندما يكون لازماً.. ومازال مطابقاً لواقع ماانفكّ يقض مضجع القلم.. ويستنهض ما بقي من الهمم.. بين ركام الشكوى وزفرات الألم.
لا نأتي بجديد إذا قلنا.. أنّنا نعيش.. أو هكذا نظن.. في عنق الزجاجة. لم نختر الزجاجة ولا من أولوياتنا المكوث في العنق.
فإذا اتفقنا على أنّ القوانين بأنواعها.. قد وضعت لتنظيم بعض العلاقات والتعاملات بين الناس.. أو بينهم وبين والمؤسسات.. وكذلك الجزائيّة منها وضعت لحماية الإنسان من ظلم الإنسان وتجاوزاته واعتداءاته على أخيه الإنسان أو الممتلكات وحتّى الحيوانات.. بذلك نكون قد انتهينا إلى أنّ الإنسان هو الكائن الأشد خطراً على كلّ الكائنات.
ومع أن الله سبحانه قد كرّم هذا الكائن وفضّله على سائر مخلوقاته وميّزه بالعقل.. إلّا أنّ هذا العقل عندما يغيب أو يغيّب أو يستخدم في الشرّ.. يفقد هذا الكائن ميزته وواجب تكريمه.
وإذا كانت بعض الكائنات المنتمية إلى فصيلة واحدة.. يحكمها قانون خفي غريزي غير معلن ولا مكتوب.. تظهر خطوطه العريضة في السلوكات المعلنة لهذه الكائنات.. مثل احترامها لأبناء جلدتها ودفاعها عن بعضها ضد أيّ عدو من أجناس أو فصائل أخرى.. وغير ذلك من السلوكات التي لا تشذّ عنها إلّا ما ندر.. ولا شكّ في أنّ جلّها يعدّ الإنسان هو الخطر الأكبر الذي يهدده.
أمّا فصيلة بني الإنسان فهي ( نيقة عن الخليقة ) مع أنّ آلاف القوانين والضوابط والأنظمة قد وضعت لضبط سلوك هذه الفصيلة.. وحماية بعضها من البعض الآخر.. ومع كلّ ذلك فإنّ نسبة الأخطار والأضرار تزداد يوماً بعد يوم.. ودهراً بعد دهر وعلى غير صعيد.. وبدأت تكتسب شيئاً فشيئاً جلّ الصفات والسلوكات الحيوانيّة والغرائزيّة.. السيئة منها دون الإيجابيّة للأسف الشديد.
فمنهم من استذئب.. ومنهم استضبع.. ومنهم استحمر.. وآخرون كالكلاب والقطط الشاردة.. وغيرها الكثير.
مع أنّ هذه الكائنات التي ذكرتها تحمل الكثير من الصفات والسلوكات الجيدة.. أقلّه فيما بينها.
ومن زاوية رؤية أخرى نقول.. غياب النظافة يدل عليه تراكم الأوساخ والأدران.. وكذلك غياب النظام يدل عليه عربدة الفوضى.. وضعف العدل يبرز أنياب الظلم.
والنفس البشريّة لا تختلف عمّا سبق.. فغياب القيم والمبادئ والأخلاق.. أو تغييبها.. يفسح في المجال للظلم والقذارة والفساد بالحلول مكانها.. وتظهر معادلة بسيطة لكنها مهمة..
تراكم هذه دليل فقدان تلك.
ولا نذيع سرّاً إذا قلنا أنّنا وصلنا إلى زمن ينعت فيه من يتكلّم عن القيم والمبادئ والأخلاق بالجنون والنفخ في قربة مثقوبة وربّما التخلّف؟!
ويبقى الصواب والضروري والمهم.. وربّما الحل الأهم.. هو إعادة تفعيل القاعدة الأخلاقيّة بكلّ مندرجاتها.. لأنّها أوسع وأهم من القاعدة القانونيّة.. مع أهمية الأخيرة.. فالأخلاق الحميدة تنتج قوانيناً حميدة.. والعكس ليس صحيحاً.
والأخلاق الحميدة تسمح بتطبيق القوانين والأنظمة وقواعد العدالة والإنصاف طوعاً.. والعكس ليس صحيحاً.
الأخلاق الحميدة تنمّي بذور الإنسانيّة وتحمي نبتها وثمارها.
الأخلاق الحميدة تمنع الفساد الذي أرهق العباد وأدمى الفؤاد.. وهو كالنار في الهشيم كلّ يوم في ازدياد.. حتّى ترسّخت قاعدة مفادها ( الكلّ فاسد حتّى يثبت العكس).
هؤلاء الفاسدون والمفسدون في الأرض.. لا يحملون أيّاً من القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة.. هم شرّ مكاناً.
تورّموا كالمرض العضال لا علاج له سوى الاستئصال.. خدمة للجسم البشري والإنساني.. إذ أنّ من حقّه العيش في بيئة نظيفة من الفاسدين.. ولن يحمل مبضع الجراحة إلا من يمتلك الانتماء والأخلاق الحميدة والرغبة والمقدرة.. وإلا فلا أمل بأيّ شفاء.. ولا نهاية لهذا الضيم والشقاء.
الأخلاق الحميدة من آيات الله في الإنسان.. تعيد للإنسان معنى أن يكون إنسانا.. وهو الغاية والهدف والعنوان.
انتهى البيان.
.. محمد عزو حرفوش..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق