الأربعاء، 30 مارس 2022

الرجل المطر... للمبدعة إنصاف قرقناوي

الرجل المطر(١٤)

مر أسبوع منذ أن استلمت الطرد الذي أرسله لي حبيبي المجهول.
ساعات النهار بدأت تنتهي و دوامي في عملي أيضا على وشك الانتهاء. 
باقي من الزمن القليل لموعد المغيب، أو لعلي أقول لموعدي مع طيف من تعلقت به دون حتى أن أعرف لون عينيه. 
لكني أراه بقلبي، لا يهمني إن كانت بشرته بيضاء أم سمراء، 
أعلم بأنه طويل القامة و ملامحه من بعيد تخبرني بأنه شديد الوسامة، صوته العميق مازال عالقا في سمعي، أنا متيمة بهوى صاحب المظلة و كفى. 
و بينما أنا شاردة مع نفسي وصلتني رسالة على جوالي من صديقتي تخبرني بها بأنها تود زيارتي هذا المساء بعد انتهاء الدوام و بأنها ستحضر معها البيتزا المفضلة لدي لنتناولها معا. 
في البداية وددت أن أعتذر لها، لكني لا أملك سببا مقنعا لذلك و خصوصا بأن غدا هو يوم العطلة، فما كان مني إلا أن أوافق. 
وصلت صديقتي و رائحة البيتزا كانت تتصاعد من داخل العلبة، تناولناها بشهية و نحن نتبادل الأحاديث و الضحك، كنت طوال الوقت أحاول إخفاء توتري و أنا أترقب غروب الشمس الذي بدأت ملامحه تتغلغل داخل السحاب الرمادي و كأنه ينذر باقتراب عاصفة قوية.
لكن في الحقيقة أنا التي تدوي بداخلي عاصفة من نار أشواقي بانتظار وصول حبيبي المجهول. 
بعد انتهائنا من الطعام جهزنا القهوة و جلسنا نشاهد معا فيلما سينمائيا كلاسيكيا يعرض على التلفزيون. 
كان الفيلم الشهير (ذهب مع الريح)، برغم أني شاهدته لمرات كثيرة إلا أنه من أجمل الأفلام التي لا أمل منها.
ربما لأنه يذكرني بحالتي مع حبيبي، هو أيضا يظهر و يذهب مع الريح قبل أن يروي لهفة روحي التي تعلقت به. 
و في منتصف أحداث الفيلم كانت صديقتي غارقة في النوم، فنهضت كي أحضر لها بطانية من غرفة نومي و عندها لمحتها، إنها مظلته الحمراء في حديقة منزلي.
لكن أين هو؟ هل كان هنا؟؟
يا لحظي السيء، ما أتعسني. توشحت بشالي الصوف و فتحت الباب الخلفي المطل على حديقتي كي أحضر المظلة إلى الداخل  لأجد طيفه يودعني كما يودع النهار قرص الشمس، كان يبدو عليه التعب، برغم أني لم أر وجهه، لكن قلبي يخبرني بذلك، خطواته كانت ثقيلة و رأسه محني، ترى هل هو مريض؟ 
أقلقني حاله، و شعرت بأن زفرات أنفاسي منهكة، لكن سرعان ما تداركت نفسي و عدت إلى الداخل لأقرأ رسالته المربوطة على عنق المظلة.
حبيبتي، أعتذر لأني كنت مستعجلا، لكن طرأ علي أمر خاص فاضطررت للذهاب بسرعة. 
أعلم بأني اليوم أتيت و ذهبت مع الريح.
سأترك مظلتي لديك لتشعري بأني دائما بقربك.
سأعود قريبا فانتظريني.
حبيبك الرجل المطر. 

شعرت ببعض الراحة بعد قراءة رسالته، لكن لم ترك مظلته معي؟ هل سيعود ليستردها مني؟؟ 
مالذي تخبئه لي أيها القدر؟؟
متى ستجيب على أسئلتي أيها الرجل المطر؟؟

إنصاف غسان قرقناوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق