, فِي تِلْكَ الأمْسِيَّة الْهَادِئة عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ أَظْلَمَ اللَّيْلُ وَبَدَأَت النُّجُوم بِالظُّهُور مُضِيئَةٌ عَتَمَة الْبَحْرِ مِنْ بَعْدِ طُولِ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ . . بَاعِثَةٌ بِنُورِهَا الخَافِت كَأَنَّهَا الْقَطَرَات الدَّقِيقَة مُنْتَشِرَةٌ كَأَنَّهَا أَنْفَاس تتثاءب بِهَا الْأَمْوَاج الْمُتَقَلِّبَة فِي بَحْرِ النِّسْيَان الَّتِي تعبره سُفُنٌ كَبِيرَة وقوارب صَغِيرَة مَلِيئَة بِقُلُوب أرْهَقَهَا التَّعَب وَالْحُزْن والهجران مَلِيئَة بِقُلُوب الْأَطْفَال الْمَسَاكِين الَّتِي اُنْتُزِعَت أحلامهم… الْآنَ وَقَدْ بَدَأَ الْبَحْر يتنهد كَأَنَّه يتنهد بَعْض أكدارهم و أوجاعهم . . بَدَأ قَلْبِي يَتَنَفَّس مَعَ هَذِهِ الْأَمْوَاج كَأَنَّهُ لَيسَ قَطَعَة مِنِّي . . بَدَت السَّمَاء رَقِيقِة بَرْقَة المنديل… النُّجُوم تَلَمَّع بَيْن طَيَّات الْأَمْوَاج كَأَنَّهَا قِطْعَةٌ رَقيقَةٌ تناثرة فِي الْهَوَاءِ مِنْ الغيمة المتبلدة فأصبحت كُلُّ نَفْسٍ تَرَسَّل آمَالَهَا إلَى نَفْسِ أُخْرَى كَأنَ الْآمَال بَيْنَهُمَا أَحْلَام وأمنيات . . فالحزين نَظَرٌ وَقَلْب الْمُحِبّ تَأَمَّل . . فَأَشْرَقَت السَّمَاء بتاجها الْقَمَر . . أيُّهَا القَمَرُ الْمُنِير أنرت لتملأ النُّفُوس ، أَحْلَامًا كَأَنَّك رَوْحٌ النَّهَار . . أيُّهَا القَمَرُ اطْرَح أشعتك عَلَى كُلِّ قَلْبُ حزين…
((نوال وهبة ))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق