نقتات هلعا من زاد بات متوفرا بكثرة في الطرقات ..
نخبئ أمانينا بحذر في جعبة المستحيل و لا نكتفي فنثقبها و تسقط أمنية أمنية على الطريق ترشد من سار على خطانا ..
مجرمون نحن بحق أنفسنا و حق من يتبعنا ..
ألم يكن من الأجدر بنا أن نلبس طاقية الإخفاء و نسافر عبر الزمن لعالم الجنيات و المردة حيث يسخطوننا إبرة تغرسها كبيرة العفاريت في صدرها و يأتي ابنها ( العفريت الكبير ) و يقول مزمجرا : رائحة أنسي .. و تنقلب الحكايا و يصبح الشرير طيبا و يحمينا .. و .. و..
لم أشعر بالأمان أكثر من سرير جدتي و حضن أمي ..
جدتي ذات الجدائل الحمراء و كفوفها الموشومة باللون الأخضر المزرق .. تمسح على شعري و تتوه بعينيها العسليتين المائلتين للخضرة مسترسلة بحكايا رائعة تسردها بصوتها المتهدج ..
و اما حضن أمي و رأسي الصغير المسند على صدرها أسمع منه أنفاسها و هي تحمل بين يديها كتاب حكايات شعبية أسافر بين صفحاته على متن صوت أمي فأصبح العاشقة التي ترسل شعرها من الغرفة من عالي القصر للأسفل في حديقة القصر حيث يقف فارسها المجنون .. يتسلق على شعرها المجدول إلى أن يصل أحضانها ..
ماتت جدتي و ماتت أمي و ماتت الحكايا و ما زالت أحلامي تلقى مصرعها منفلتة من ذاك الكتاب الذي اختفى مع رائحة أمي و بقيت الصغيرة الكبيرة .. الإنسية الجنية ..
لا أسمع إلا بالموت و لا أرى إلا خراب الوطن و دم الأبرياء ..
لا أجد إلا بقايا أشياء من أطفال .. دمى ملطخة بالدماء و كتبا محروقة ..
الدمار يأكل أمنياتي .. ماتت جنياتي .. فشلت عفاريتي و بقيت إنسانة ..
مجرد إنسانة تبحث عن حكايات شعبية .. أو طفل تورثه إياها ..
فالوطن لا يموت .. و التراث لا يزول .. والحكواتي لن يخرس ..
سيعبرون من خلالنا .. عبر أوردتنا .. وينتصبون منارة فوق أجداثنا .. يحدثون كل من عرف عن سوريا أنها باقية ما بقي الأزل ..
#ذكريات _غافية_ريم _حداد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق