الخميس، 5 مارس 2020

السر..للمبدع الرائع الأديب..حسام الدين ريشو

السِرِّ !

===
حسام الدين بهي الدين ريشو
=============
مُثْقَلُ الخطى ؛ كواحد من أبناء المدينة الفاضلة التى أصابتها زلازل العصر ؛

فتهدمت على من بها ؛ ولم ينج أحد سواه .

روحه كملاءة بيضاء ممزقة ؛ يروح ويغدو منفصلا عمن حوله ؛ إلا بقدر اقترابهم  منه
.
وكأنه يعيش في اللامكان بعيدا عن إيقاع الحياة

حزين ؛ يتأمل ولا يتحدث إلا نادرا .

يخلو بنفسه في ركن قصي بالنادي .. يتراقص فيه ضوء خافت وتتغشاه سكينة موحشة .

لا صوت إلا صوت ذاكرته ؛ يمسح رأسه بين حين وآخر كأنه يمسح آثار مامُنِي به في الحياة.

حين رأته أقبلت عليه مرحبة بوجوده في النادي .

عرفها ؛ إنها الفتاة التى صفقت له كثيرا أول أمس عقب إلقاء قصيدة .

إستأذنته أن تجلس إليه قليلا ؟

وافق على مضض ؛ ردا لتحيتها الحميمة له بالأمسية .

تأملها عن قرب .. رآها بحكم خبرته التي اكتسبها من غدر الأيام وتنكرها له ؛ ضحية نفس الكمين الذي نصبته له الحياة .

فأنصت إليها باهتمام وهي تسأله :

-لماذا تتعمد اعتزال الناس رغم أن ماتكتبه يعبر عنهم .. الحنين والذكريات ونار  الأشواق ؟

أجابها بمرارة :

- قسوة الواقع يا آنسة ...

ردت سريعا :

- نسرين ... نسرين يا أستاذي

عاود الحديث :

قسوة الواقع يا آنسة نسرين ؛ الفقد ؛ المنافي الإختيار..؛ الموت ... إهانته للإنسانية حتى أنه لم يترك لها مجالا تخضر به ؛ فآثرت الوحدة .

سألته :

- وما تكتبه عن الحب ومشاعره النبيلة مِن أين جاء ؟

أجابها في شجن بدا مرهقا له :

- الندرة  يا آنسة .. الفقد .. يجعل الكتابة كأحلام يقظة لمراهق أو مراهقة ؛  يظنون أنها يمكن أن تتحقق
.
تأملته حائرة .. بماذا ترد ؛ وإن كان في خلفية ماقال إجابات للأسئلة التي  ترهقها ؛ أو  أنامل تلامس جراحاتها .

قبل أن تعاود السؤال ؛ كان قد نهض واقفا وإن بدا منكسرا مستأذنا في الإنصراف

قامت هي الأخرى هامسةً :

-أرجو ألا أكون أزعجتك .. وآمل ألا تحرمني فرصة الجلوس إليك كلما جئتَ هنا ؟

بدا أكثر شجنا وهو ينظر إليها مرة وإلى المجهول البعيد مرة أخرى ؛ ثم غادر قائلا :
- لا بأس .. لا بأس

بعد أيام تلقت نبأ وفاته

كانت جنازته أغرب من حياته ؛ فلم يشيعه إلا نفر من الأقارب وبائع الكتب وهي.

إلا أنها على البعد لمحت في زاوية من حرم المدافن إمرأة متشحة بالسواد .. وبيديها طفلان !!
*********************************
حسام الدين ريشو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق