أين راكب الدراجة
===========
( قصة واقعية )
المكان : الرياض الملز تقاطع شارع الستين جنوب شمال مع طريق خريص شرق غرب
رابع أحدث الإشارات المرورية في الرياض اواخر عام ١٩٧٩ م لم يكن قد شيّد جسر الخليج بعد ، هو أطول (كوبري) في الرياض
كان الوقت حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً الشوارعُ تغص بالسيارات بعض الناس متجهاً إلى عمله والبعض للمدارس والجامعات كل يريد أن
يلحق الدوام كانت هاتيك الإشارة مشهورة بالإزدحام حيث
كانت أحياناً تفتح وتغلق ثلاثة أو أربع مرات حتى يتثنى لنا العبور وتجاوز الإشارة وكان الوقوف عليها ممل والناس لم تتعود على الإشارات المرورية بعد، نظراً لحداثة تركيبها على تقاطع الطرق،
الكل يريد أن يتجاوز الإزدحام ويعبر الإشارة خاصةً السيارات الواقفة في الصف الأمامي المتجهة من الجنوب شارع الستين إلى الشمال حيث
الكل ملَّ من الإنتظار يريد أن ينطلق بأقصى سرعة ليعوض الوقت المهدور الذي ضاع عليه بإنتظار أن تفتح الإشارة،
وما أن أضاءت الإشارة الضوء الأخضر حتى إنطلقت السيارات
ولسوء الحظ كانت إحدى السيارات القادمة من طريق خريص متجهة بإتجاه الغرب
بسرعة زائدة كان يظن قائدها
أنه بإمكانه العبور قبل أن ينطفئ
الضوء الأصفر فاصطدم بالسيارات الأمامية من ثلاثة إلى أربعة سيارات وتطايرت شظايا الزجاج والحديد ولله الحمد لم ينتج عن ذلك إصابات غير بعض الخدوش والرضوض السطحية في سائق العربة المسبب للحادث
وانتظرنا إلى أن حضرت دورية المرور للتحقيق بالحادث
كان الإزدحام لايطاق وبدأت الشمس تتجه إلى كبد السماء
فوق رؤوسنا وبدأ العرق يتصبب من جباهنا ...
تفاعل المرور مع الحادث حيث رسم مواقع العربات ليرفعه إلى الإدارة ... كانت هنالك دراجة هوائية ملقاة على الأرض وسط الساحة بين العربات المصدومة
وقد تضررت بعض الشيء
بعد انتهاء المحقق من التحقيق
سأل الموجودين : أين راكب الدراجة ؟؟؟
هنا وقف الجمع صامتاً ولم يجبه احد على سؤاله ......
أين صاحب الدراجة ؟؟؟
صمت عام رهيب ...
لم يتكلم أحد ...
يا إلهي أحد يجيب على سؤالي
هل هو مصاب وأحد ما اسعفه إلى مشفى ام ماذا حدث له ؟؟؟
مامن جواب .....
مرت الثواني كأنها ساعات طويلة
والناس يحاولون أن يجدون جواباً لسؤاله ...
كان هنالك رجل اربعيني عامل مسكين يقف على ناصية الطريق
وهو مذهول من هول الحدث والحادث ...
استغل الرجل صمت الناس ليتوجه نحو الدراجة وينهضها عن الأرض بكل تأني وبرودة أعصاب ...
قال له شرطي المرور : إلى أين تأخذها ؟
قال الرجل : إنها لي تركتها أثناء الحادث وهربت متجهاً إلى الرصيف ...
قال له : يارجل لقد أتلفت أعصابنا ونحن نسأل عنك وما أحد يجيب ...
على كلِ حمداً لله على سلامتك وسلامة الجميع
ثم توجه إلى سائق العربة المسبب للحادث .
وقال له : هذه نتيجة السرعة والتهور هداك الله .
ثم توجه إلى أصحاب العربات المتضررة ليكتب لهم تقارير الإصلاح بعد أن تنازل الجميع عن حقوقهم لصاحب العربة المسبب للحادث واخذه معه لينال جزاءه
على اهماله وعدم إلتزامه بالأنظمة المرورية ...
كان هذا أحد الحوادث التي لن ولم أنْسها ماحييت ...
بقلم :عبد الرزاق سعدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق