خاطرة....شاخت شجرتها
عيون أرهقها السهر واكتحلت بمرارة الوسن ، وخدود تسبح بماء الدموع المنهمر ، يجري على وجنتيها يخط خطوط القهر ، تعسا للأرق المتحجر في بؤبؤ العيون ، والذي كسر أجنحتها وتطاير ريشه في ذكريات غابر الزمن المرتحل ، ولسان حالها يعاتب القدر ، وتنظر في مرآتها فتصدح حنجرتها أين غاب ذاك الوجه النضر وأين تلك النعومة والبياض المنتحر ، و أين تلك الأظافر التي كان الصبغ يرقص طربا على ساحاته ويسحر البشر ، وطولها الفارع الصفصاف والذي كان يغازل الشجر ، ما باله اليوم كحائط منفطر ، والوجه بدر من حوله عيون الشباب تطالعه وتنشر الخبر ، وتغازله شعرا بكلام ينبهر فما باله اليوم يبدو كغيمة سوداء في وسط السماء ترتجف ، و شباب عند بابها بالأمس كان يزدحم ، يرومون خطبتها فيصيبها الغرور فتنتشي وتتكابر وتدير ظهرها لجمع منبهر ، فلا يعجبها من الفرسان ليقود جواد أحلامها فينتصر ، غرورها يزداد كلما زاد العدد و يزدحم ، وتمضي الأيام على عجل ، وتمر السنون وهي في غفلة الأمل ، ومر القطار مسرعا ، وبقيت في محطته تنتظر ذلك الفارس والذي يمتطي جواده ليمتشقها من وحل الزمان المنكسر ، وبعد انتهاء الوقت ها و قد صفر الحكم أرادت أن تتدارك الأمر على عجل ،لكنها أصبحت شجرة يابسة بلا أغصان تنتحر ، فعافها البشر وهي ترثي جمالها المندثر في غفلة من الزمن .
أركان القيسي العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق