الثلاثاء، 24 مارس 2020

إليك يا ملاكي....للمبدعة ساحرة الحرف بسمة عبيد

إليك يا ملاكي

أقبلتَ عليّ فلم أعرفك....نظرتُ في وجهك الشّاحب وعينيك الغائرتين....فتحسست فيهما برودة لم أعهدها قط...

حاولتُ أن أغوص إلى ما وراء تلك النظرة الباردة فصدتني جبال جليدية متحجرة في مقلتيك ! استغربت كثيرا وتساألت: من أين؟

كيف ومتى ؟ ارتديت شحوب الأموات ،

وصمت المقابر ،وهذه البرودة القاتلة.! ماذا أصابك ؟ ما هكذا عهدناك يا آذار!

كنتَ تفيضُ حياة وحيوية....طالما منحتنا قبسا من أمل....مع قدوم طيورك الصداحة......وجداولك الرقراقة....وعبير أزهارك الفواحة....تملأ الآفاق عطرا معلنة قدومك يا ربيع من لهم ربيع....!

يا فرحة من يمتلكون الفرحة....!

ويا بسمة من يمنحون البسمة....! أتراك تلمست جراحي....أتراك قدرت الألم الذي يعتصر قلبي

فذهلت ! وتحجرت مقلتاك.؟ ويبس ربيعك

أتستغرب يا صاحبي كيف أسير مثقلة بهذه الجراح ، وهذا الألم !

كنت دائما أكتم آلامي وأخفي دموعي ، وأبتسم في وجهها الملائكي الذي طالما منحني القدرة على مواصلة الحياة.

فلا تستغرب إن ظهرت بعض جراحي ، وإن شاهدت دموعي ، فهي التي كانت تبلسم الجراح وتمسح الدموع ، هي أمي.! نعم أمي

يا أعز الناس على قلبي ، يامن كنت وما زلت المثل الأعلى للقدرة على العطاء على الصبر

على التحمل.

يامن أعطيت كل ما لديك ، وكان لديك الكثير الكثير.! منك تعلمت وأتعلم حتى بعد رحيلك ، دروسا في العطاء

وأمام كل ذكرى من ذكرياتك الحلوة المرة ، أكتشف شيئا جديدا لم أكن أعرفه

منك أطلب الغفران ، والسماح لأنني لم أعرفك وأنت قريبة مني ، اكتشفت بعد غيابك كم أحتاج إليك ، كم أفتقدك.! آه يا أماه كم كنت عظيمة.! مناضلة مضحية الآن أحس بك

والآن أدركت حجم ألمك وحرمانك !

بعد أن ذهبت واسترحتي من هذا العالم ألذي لم يمنحك سوى الألم ، والدموع ...

والقهر ، وعبء أربعة أطفال وأنت في ريعان شبابك ، يوم اختطف الموت شريك حياتك ، وحرمك وحرمنا طعم الأبوة ، وكانت بداية رحلتي التعسة إلى حياة أتعس.

كنت الأم والأب والعالم كله

هذه ذكراك تمر اليوم ، فتضيع الكلمات من شفتي ، وتتجمد أصابعي على القلم الذي طالما حاولت من خلاله تخفيف آلامي....

فإليك يا ملاكي ، وإلى كل أم مثلك صبرت ، وضحت ، وتحدت ، وقاومت ، وناضلت من أجل حياة كريمة .

إلى أمهاتنا في كل بقعة من بقاع هذا الوطن المستباح ، إلى اللواتي شاهدن أولادهن بناتا وشبابا...وأطفالا...يغتصبون ويقتلون أمام أعينهم وهن صامدات صابرات إليهن مني تحية إكبار وإجلال....وإلى روحك الطاهرة أتوجه بكل تحيات الكون وأتوسل

طالبة منك الغفران والسماح.....

بسمة عبيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق