الرجل المطر
سماء اليوم على غير العادة صافية جدا، لونها الأزرق لا يشبه أجواء الخريف الماطرة.
بدأ يومي هادئا مع صوت فيروز بقرب مدفئتي التي تحول حطبها إلى رماد بعد أن خمدت نارها.
احتسيت قهوتي الصباحية برغم النعاس الذي مازال يعانق جفني. لا أدري لٍم كان جسدي منهكا، ربما بسبب حالة الطقس المتقلبة، أو قد تكون بداية لنزلة برد ستجتاح أضلعي لتنهكني وتطرحني في الفراش لبضعة أيام.
قررت أن أتجاهل تلك الفكرة كي لا تتمكن مني و تسيطر على تفكيري، حاولت جاهدة أن أمارس نشاطاتي اليومية لكن بلا جدوى، كان الصداع قد بدأ بالنيل مني، حرارتي ارتفعت وأعراض الرشح ظهرت بدءا من العطس و الكحة.
مر هذا اليوم طويلا، كأنه لا يريد أن ينتهي، كان الظلام قد حل والغيوم تلاحمت وتشكلت في حلقات كبيرة كأنها تنذر بقدوم عاصفة شديدة.
وفعلا اشتد الهواء وصريره ملأ أرجاء السماء، و أنا على أريكتي أطالع ما يحدث في العالم الخارجي بانتظار طيف محبوبي و مظلته الحمراء.
هل سيأتي؟ ليته هنا، ربما كنت سأشعر بالأمان بمجرد أن ألمحه.
كانت الأفكار تدور في رأسي المجهد من أثر الرشح وصوت تلفازي يشوش ما يطرأ على بالي من أوهام.
لكن صوتا آخر اخترق سمعي فجأة، جرس بابي يدق، لست بانتظار أحد، و من سيفكر بزيارتي في يوم عاصف كهذا؟
نهضت و توجهت نحو الباب بخطوات أشبه بالزحف على الجليد، و فتحته لأجد باقة ورود حمراء مرفقة معها سلة بداخلها حساء ساخن و دواء و أقراص فيتامينات.
من أرسلها؟ أنا لم أخبر أحدا بأني مريضة، لكن الإجابة على سؤالي كانت على الكرت المعلق بباقة الورد.
لا بأس عليك حبيبتي، سأعود غدا لأطمئن عليك، هذه مني أنا حبيبك، أنا الرجل المطر.
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق