الرجل المطر
هاتفتني صديقتي اليوم لتخبرني بأنها تود أن تفاجئ صديقة مقربة و مشتركة بيننا بحفلة عيد ميلاد لها، و طلبت مني أن أساعدها بالتجهيزات للحفلة التي ستقام بعد يومين. أحببت الفكرة لأنها ستكون في مطعم داخل حديقة لها غرفة زجاجية خارجية تطل على نهر محاط بأشجار غلفتها أوراقها التي تبدو و كأنها مصبوغة بألوان الطبيعة الخلابة.
قررنا الذهاب إلى السوق لشراء ما سنحتاجه من زينة و هدايا.
و بالفعل قضينا معظم يومنا بالتجول و التسوق بين المحلات حتى أنهينا مهمتنا و الفرحة تملأ قلبينا و نحن نتخيل مدى سعادتها بما ستفاجأ به.
تناولنا العشاء معا بعد أن أنهكنا التعب و تواعدنا بأن نلتقي بعد يومين للاحتفال بالمناسبة و تودعنا متجهة كل واحدة منا لمنزلها.
كان يوما ماطرا، لكن برغم برودة الطقس إلا أني كنت أشعر ببهجة كبيرة و كأني فراشة تريد أن تفرد أجنحتها لتسابق الريح.
تمنيت لو كان باستطاعتي أن أطير و لن أخشى البلل، وددت أن أركض ببن أزقة الشوارع أو أن أحلق بعيدا لألمس السحاب و أقبل النجوم.
استقليت سيارتي و بداخلي طاقة إيجابية تكاد أن تفيض أنهارا لتغرق الطرقات، مطر و برق و رعد و أضواء سيارات تشع نورا في كل مكان.
أشعلت جهاز الراديو لأني من عشاق الاستماع لبرنامج ما يطلبه المستمعون، كانت أغنية الفنان القدير محمد عبده (الأماكن كلها مشتاقة لك ) تذاع في تلك الأثناء، ما أجملها، كأنها تترجم حالة شوقي للقاء حبيبي صاحب المظلة الحمراء.
لم أره اليوم، ترى أين هو الآن؟ ربما ينتظرني في مكان أجهله تمامآ كالعادة.
توقف السير فجأة بسبب حادث، وما كان علينا سوى الانتظار لبعض الوقت، لم أود أن أسمح لأي شيء بتعكير صفو مزاجي، كنت أستمتع بمعاني كلمات الأغنية، إلى أن ظهر خيال مظلته بين حشود من الناس، للحظة ظننت بأني أتوهم رؤيته من فرط شوقي له، لكني تأكدت من هويته بعد أن ذكر المذيع بأن أغنية الأماكن كانت إهداء لي من شخص يدعى الرجل المطر.
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق