الرجل المطر
لم أكتفي في تلك الأمسية من قراءة رواية (الأسود يليق بك ) التي جذبتني و شدت اهتمامي و شغفي لمتابعة تفاصيلها المترفة بجمال مكنوناتها و روعة سردها.
فلا غريب على روائية ساحرة كأحلام مستغانمي التي تكتب بأسلوب جذاب و بديع لتجعل القارئ يشعر بأنه يكاد يلتهم السطور و الحروف بشهية للمزيد.
كانت أمسيتي الباردة في ليلة خريفية ساكنة و صامتة، إلى أن التحفت وشاحي برفقة كوب قهوتي الذي يرافقني بعد عناء يوم طويل و شاق.
و مع صفحات روايتي الشيقة بدأت أشعر بالدفء عندما سمعت رنين قطرات المطر و هي تدق على زجاج نافذتي التي كان يكسوها الرذاذ العالق على ملامحها الشاحبة بسبب البخار الذي تكون من امتزاج حرارة المدفئة مع الهواء البارد.
بدت لي كلوحة رسمتها ريشة فنان أنهكته الحياة فقرر أن يترجم مشاعره المتعبة برذاذ السحاب العالق في السماء.
وضعت روايتي جانبا كي أمسح سطح الزجاج الذي غطى تفاصيله ضباب الماء كعاشقة تود أن ترسم بأصابع يديها صورة لفارس أحلامها الذي تراه في مخيلتها بأجمل حلة.
لكن فجأة و دون سابق إنذار انقشعت تلك السحابة السوداء الأشبه بدخان تبغ تطاير من ثغر ذاك الظل الذي اختبأ خلف مظلته الحمراء، إلا أن تعابير وجهه الصبوحة حملت ابتسامة تخفي وله عاشق تلهف لهذه اللحظة ليلتقي مع حبيبته القانطة خلف أسوار وحدتها برفقة روايتها، لكنه سرعان ما تلاشت ملامحه ليصبح شهيا كفراق تاركا أثره في ذاكرة جسدي الذي ارتعش من نبرات صوته الشجية حين لوح بيده مودعا قائلا أنا هو حبيبك، أنا الرجل المطر.
إنصاف غسان قرقناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق