الأحد، 20 مارس 2022

الرجل المطر... للمبدعة إنصاف قرقناوي

الرجل المطر 

اليوم قررت أن أكون خارج أسوار نافذتي التي اعتادت على صحبتي كل مساء، لكن لا أدري لم أردت أن أتحرر من الشعور بالقيود تاركة ورائي كل الطاقة السلبية، ربما أنا بحاجة لجمع شتاتي الذي بعثره هواء الخريف برغم أني أعشق هذه الأجواء الباردة و الممزوجة بدفء المشاهد المتناثرة على الأرض بسبب تساقط الأوراق اليابسة التي فقدت رونقها و جفت روحها من التعلق بأغصان تكسرت و تخلت عنها.
إلا أنها ما زالت لها جمالا خاصا و فريدا داخل تفاصيلها التي شابت و كأن عروقها تخبرني عن رحلتها الطويلة منذ أن كانت برعما صغيرا إلى أن عانقت سطح الأرض بكل استسلام و رقدت بسلام.

وقفت أتفحص هذه المشاهد بعناية و اهتمام كأني أتحدث مع تلك الأوراق أو أشاهد فيلما سينمائيا من واقع الحياة أبطاله حقيقيين لم تدفع لهم أجور باهظة لتأدية أدوارهم.
لكن كان هناك وقع خطوات يأتي من بعيد، لا أدري إن كنت أتوهم بوجود أحد يتبعني أو يلاحقني لكنه يحاول أن يخفي هويته عني متخفيا ببدلته السوداء و مظلته الحمراء. 

تمالكت نفسي و اقتربت من مصدر الصوت بحذر، لكن سرعان ما لمحت ظله الذي كان يبدو كالسراب و هو يبتعد عن ناظري تاركا لي رسالة حب نسجها من أوراق الشجر البائس معلقة على أطراف شرفتي كتب عليها بحبر لونه أحمر جعلها تبدو زاهية ألوانها بعد أن امتزجت مع صفارها الباهت، لا تخافي يا ملاكي، أنا هو حبيبك، أنا الرجل المطر. 

إنصاف غسان قرقناوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق