الخميس، 28 يوليو 2022

في غياب الأخلاق...للمبدع محمد عزو حرفوش

في غياب الأخلاق.. القصة الرابعة..
بقلم محمد عزو حرفوش.
جرعة زائدة.
كان يحلم بالباشويّة منذ نعومة أحقاده.. وقد حباه الله بعذوبة اللسان وأنامل تطرب لها أجساد الحسان. لملم سيرته الذاتيّة بعد أن امتلك الصفات الضروريّة للدخول في مزادات الباشويّة. دفع الرسوم الأوليّة.. وحصل على شرف العضويّة.. وتدرّج من عضو صغير إلى عضو أكبر ثم أكبر حتى تورم صاحب السمو والمعالي.. وأصبح في بطانة الوالي.. وفي كلّ حقل كان يؤتمن عليه يحصد بيدراً ويدّخر جرعة في حواشيه.. إلا أنّه كان ملتزماً بدفع الضرائب المتوجّبة صعوداً لواليه وهبوطاً لمن أراد التصدّق عليه. ليدعو له بطول العمر واليد.. حتّى باتت طلباته أوامر لا ترد.. وأمواله عصيّة على العد. ركب الكثير من المنابر.. وبات مخدعه محجاً لكلّ فاجرٍ وتاجر.. ولم يقطع عادة الأمراء في تذوّق النساء.. وطلب الغنائم متى شاء.. وكان ينقصه أن تُضرب له راية حمراء على بوابته المخمليّة لولا أنّ هذه العادة جاهليّة.. ونحن في عصر العولمة الجهاديّة وكلّ الدروب تؤدي إلى روما بالتقيّة.. وفي مرحلةٍ باتَ يتهرّبُ من دفعِ الضرائب الصاعدة.. ويدّخرُ رأسَ المالِ مع الفائدة.. ولم يعد يلتزم بالجرعات المحدّدةِ له من قِبل من أوصله.. فتمّتْ إقالته بجرم الجرعة الزائدة.
ومع كل هذا التضخّم والاستعلاء كان ينظر إلى أيوب بمشاعر من الغيرة والحسد والازدراء.. وكان دائم الحرص أن يثبت له أنّه باشا في كلّ لقاء.. وأنّه أرفع منه شأناً في كافة الميادين السياسيّة والاجتماعيّة والنسائيّة والميتافيزيقيّة.. وأنّ هذا الزمانَ زمانه ولن يبلغَ أيوب مكانه. أمّا أيوب فكان يبتسم له فقد كان عالماً بما يضمره.. ويودّعه قائلاً بلغةِ الواثق لا عليك فلستَ أوّل باشا سابق.. اسعَ سعيكَ فأنتَ لا شكّ نافق.. وسأدونُكَ على صفحاتِ التاريخ الخالدة.. نفقَ بجرعةٍ زائدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق