الأحد، 24 يوليو 2022

في غياب الأخلاق القصة الثانية...للمبدع محمد عزو حرفوش

في غياب الأخلاق.. القصة الثانية..
أوراق متناثرة..
هل سيكون الوضع مختلفاً في الآخرة؟! كان سؤال أيوب الأخير لنفسه قبل أن تغادره الحياة.
في البرزخ الأخير من السكرة جاءت الفكرة.. وبجردة حياة ذات ذاكرة.. أرجعته إلى المهد حيث كان يتيماً.. لطمتْهُ أمواجُ الحياة العاتية.. فاعتقد أنّه أجاد الغوص. تعلّم وعرف ربما أكثر من أقرانه واكتسب خبرات يحسد عليها وحكمة أودت به إلى العزلة. عرف ظلم ذوي القربى فأحسن لأقربائه. صاحبه الفقر ففشل بقتله بسيفه المكلوم.
جعل مكارم الأخلاق زاده.. فارتفع لديه منسوب العلل والأمراض. كان كريماً خدوماً عفيف النفس صادقاً أميناً مرهف الحدث.
عرف الغدر أكثر مما عرف العطر.
بنى نفسه بنفسه منذ البداية معتقداً أنّه سيمسك خيوط الحكاية. بقي مؤمناً حتى آخر آية.
قرأ القرآن والتوراة والإنجيل.. وأيقن أنّ الله يرمي الأشرار بحجارة من سجيل.. ودرأ الشبهات بحسبي الله ونعم الوكيل.
مدّ يديه إلى كلّ محتاج.. وراوده المجدُ بأحلام من زجاج.
كان يقنع نفسه دوماً أنّه قد نجح في الاختبار.. وأنّه سيجني ذات عثرة شهي الثمار.
نُفخ في الصور قبل موسم كان بانتظاره. لملم على عجل أوراق احتضاره.
نعم ففي كلّ ورقة من أعماله سفير شفاعة.. كان قد خبّأه لمثل هذه الساعة.. ولابدّ سيمثل السفراء لردّ الجميل قبل الرحيل.
انتظر.. وانتظر.. وانتظر حتى ملّ الرجاء.
أطبق جفنيه على ابتسامة شاحبة صفراء. أرخى قبضته عن أوراق أعماله البيضاء.. وقبل آخر سماء.. صرخ أيوب بصوت مزق شرايين الفضاء.. يااااا أيّتها الريح خذي أوراقي هذه.. انثريها على من أدمن البقاء.. إنّ روحي عاشت دهراً في صحراء.
نعم غادر قبل أوانه.. فقد أيقن أنّ الزمان ليس زمانه.
.. محمد عزو حرفوش..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق